وقوله سبحانه : { وَإِذَا رَأَوْاْ تجارة أَوْ لَهْواً } الآية ، نزلتْ بسبب أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَ قائِماً على المنبرِ يَخْطُبُ يومَ الجمعةِ ، فأقبلت عِيرٌ مِنَ الشَامِ تحملُ مِيرةً ، وصاحبُ أمْرِهَا دِحْيَةُ بن خليفةَ الكلبي ، قال مجاهد : وكانَ مِن عُرْفِهِمْ أن تَدْخُلَ عِيرُ المدينةِ بالطَّبْلِ والمعازفِ ، والصياحِ سروراً بها ، فدخلتْ العيرُ بمثلِ ذلكَ ، فانْفَضَّ أهْلُ المسجدِ إلى رؤيةِ ذلكَ وسماعِه ؛ وتركُوا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قائماً عَلَى المنبرِ ، ولم يَبْقَ معه غَيْر اثنَيْ عَشَرَ رَجُلاً ، قال جابر بن عبد اللَّه : أنا أحَدُهُم ، قال ( ع ) : ولم تَمُرَّ بِي تَسْمِيتُهم في ديوانٍ فيما أذْكُرُ الآنَ ، إلا أنِّي سمعتُ أبي رحمه اللَّه يقولُ : همُ العشرةُ المشهودُ لهم بالجنةِ ، واخْتُلِفَ في الحادِيَ عَشَرَ ، فقيل : عمارُ بن ياسر ، وقيل : ابن مسعودٍ ، ( ت ) : وفي تقييد أبي الحسنِ الصغير : والاثْنَا عَشَر الباقون همُ الصحابةُ العَشَرَةُ ، والحادِيَ عَشَرَ : بلالٌ ، واخْتُلِفَ في الثاني عشر ، فَقِيل : عمار بن ياسرِ ، وقيل : ابن مسعود ، انتهى . قال السهيلي : وجَاءَتْ تسميةُ الاثْنَي عَشَرَ في حديثِ مُرْسَلٍ رواه أسد بن عمرو والدُ موسى بن أسد ، وفيه أنَّ : رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَبْقَ معه إلا أبو بكرٍ وعُمَرُ وعثمانُ ؛ حتى العشرةِ ، وقَال : وبلالٌ وابن مسعود ، وفي روايةٍ : عمارُ بَدلَ ابنِ مسعودٍ ، وفي «مَرَاسِيلِ أبي داودَ » ذكر السببَ الذي من أجله تَرَخَّصُوا ، فقال : إن الخطبةَ يوم الجمعةِ كَانَتْ بعدَ الصلاةِ فَتَأَوَّلُوا رضي اللَّه عنهم أنهم قَدْ قَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ ، فَحوِّلَتْ الخطبةُ بعدَ ذلك قبلَ الصلاةِ ، فهذا الحديثُ وإن كانَ مُرْسَلاً فالظن الجميلُ بأصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم يُوجِبُ أنْ يكونَ صحيحاً ، واللَّه أعلم ؛ انتهى . ورُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال : " لَوْلاَ هؤلاءِ لَقَدْ كَانَتِ الحِجَارَةُ سُوِّمَتْ على المُنَفضِّينَ من السماءِ " ، وفي حديثٍ آخر : " والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ تَتَابَعْتُمْ حتى لاَ يبقى أَحَدٌ لسَالَ بِكُمُ الوَادِي نَاراً " ، قَالَ البخاريُّ : { انفضوا } معناه تَفَرَّقُوا ، انتهى . وقرأ ابن مسعود : «وَمِنَ التِّجَارَةِ لِلَّذِينَ اتقوا ، وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » وإنما أعاد الضميرَ في قوله : { إِلَيْهَا } على التجارةِ وَحْدَهَا لأنَّهَا أهَمُّ ، وهي كَانَتْ سَبَبَ اللَّهوِ ، ( ص ) : وقرئ ( إلَيْهِمَا ) بالتثنيةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.