إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ قُلۡ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَٰرَةِۚ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (11)

{ وَإِذَا رَأَوْا تجارة أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا } رُوي أنَّ أهلَ المدينةِ أصابَهُم جوعٌ وغلاءٌ شديدٌ فقدمَ دِحْيةُ بنُ خَلِيفةَ بتجارةٍ منْ زَيْتِ الشامِ والنبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ يخطبُ يومَ الجمعةِ فقامُوا إليهِ خشيةَ أنْ يُسْبقُوا إليهِ فما بقيَ معَهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ إلا ثمانيةٌ وقيلَ أحدَ عشرَ وقيلَ اثنا عشرَ وقيلَ أربعونُ فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ : «والَّذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ لَوْ خرجُوا جميعاً لأضرمَ الله عليهِم الواديَ ناراً » وكانُوا إذَا أقبلتْ العيرُ استقبلُوها بالطبلِ والتصفيقِ وهُو المرادُ باللهوِ وتخصيصُ التجارةِ برجعِ الضميرِ لأنَّها المقصودةُ أوْ لأنَّ الانفضاضَ للتجارةِ معَ الحاجةِ إليهَا والانتفاعِ بهَا إذا كانَ مذموماً فمَا ظنُّكَ بالانفضاضِ بالكُلِّيةِ إلَى اللَّهوِ وهُو مذمومٌ في نفسهِ ، وقيلَ تقديرُهُ إذَا رأَوا تجارةً انفضُّوا إليها أو لهوا انفضوا إليهِ فحذفَ الثانيَ لدلالةِ الأولِ عليهِ وقُرئَ إليهِمَا { وَتَرَكُوكَ قَائِماً } أيْ عَلى المنبرِ { قُلْ مَا عِندَ الله } منَ الثوابِ { خَيْرٌ منَ اللهو وَمِنَ التجارة } فإنَّ ذلكَ نفعٌ محققٌ مخلَّدٌ بخلافِ ما فيهِمَا منَ النَّفعِ المتوهَّمِ { والله خَيْرُ الرازقين } فإليهِ اسعَوا ومنْهُ اطلبُوا الرزقَ .

ختام السورة:

عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قرأَ سُورةَ الجُمعةِ أُعطِيَ منَ الأجرِ عشرَ حسناتٍ بعددِ مَنْ أتَى الجمعةَ ومَنْ لَم يأتِهَا في أمصارِ المسلمينَ » .