الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ} (35)

أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبنيَّ أن نعبد الأصنام } قال : فاستجاب الله تعالى لإِبراهيم عليه السلام دعوته في ولده ، فلم يعبد أحد من ولده صنماً بعد دعوته ، وجعل هذا البلد آمناً ، ورزق أهله من الثمرات ، وجعله إماماً ، وجعل من ذريته من يقيم الصلاة ، وتقبل دعاءه ، وأراه مناسكه وتاب عليه .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني دعوت للعرب ، فقلت : اللهم من لقيك منهم مؤمناً موقناً بك مصدقاً بلقائك ، فاغفر له أيام حياته . وهي دعوة أبينا إبراهيم ، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ، ومن أقرب الناس إلى لوائي يومئذ العرب » .

وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، عن عقيل بن أبي طالب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه الستة النفر من الأنصار ، جلس إليهم عند جمرة العقبة ، فدعاهم إلى الله وإلى عبادته والمؤازرة على دينه ، فسألوه أن يعرض عليهم ما أوحيَ إليه ، فقرأ من سورة إبراهيم { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام . . . } إلى آخر السورة . فرق القوم وأخبتوا حين سمعوا منه ما سمعوا وأجابوه .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن إبراهيم التيمي قال : من يأمن البلاء بعد قول إبراهيم { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } ؟ .

وأخرج عن سفيان بن عيينة قال : لم يعبد أحد من ولد إسماعيل الأصنام لقوله { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } قيل : فكيف لم يدخل ولد إسحق وسائر ولد إبراهيم ؟ قال : لأنه دعا لأهل هذا البلد أن لا يعبدوا الأصنام ودعا لهم بالأمن . فقال { اجعل هذا البلد آمناً } ولم يدع لجميع البلدان بذلك . وقال { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } فيه وقد خص أهله وقال { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة } .