قوله تعالى : { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } : تقدَّم نظيرتها في البقرة ، إلا أنَّ هنا قال : { وَبِذِي الْقُرْبَى } بإعادة الباء ، وذلك لأنها في حَقِّ هذه الأمةِ فالاعتناءُ بها أكثرُ ، وإعادةُ الباءِ يَدُلُّ على زيادة تأكيد فناسب ذلك هنا بخلافِ آية البقرة فإنها في حق بني إسرائيل . وقرأ ابن أبي عبلة " إحسانٌ " بالرفع ، على أنه مبتدأٌ وخبرُه الجار قبله ، والمرادُ بهذه الجملةِ الأمرُ بالإِحسان وإن كانت خبريةً كقوله : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } [ يوسف : 83 ] .
قوله : { وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى } الجمهورُ على خفضِ " الجار " والمراد به القريبُ النسب ، وبالجارِ الجَنْبِ البعيدُ النسب . وعن ميمون بن مهران : " والجارِ ذي القربى أريد به الجار القريب " قال ابن عطية : " وهذا خطأٌ لأنه على تأويله جمع بين " أل " والإِضافة ، إذ كان وجه الكلام " وجارِ ذي القربى " . ويمكنُ تصحيحُ كلام ابن مهران على أن " ذي القربى " بدلٌ من " الجار " على حذف مضاف أي : والجار جارِ ذي القربى كقوله :
نَضَر اللهُ أعظماً دفنوها *** بسجستانَ طلحةِ الطَّلَحاتِ
أي : أعظمَ طلحة ، ومِنْ كلامهم : " لو يعلمون : العلمُ الكبيرةِ سنةٌ " أي : علم الكبيرة سنة ، فحَذَف البدلَ لدلالةِ الكلام عليه .
وقرأ بعضُهم : " والجارَ ذا القربى " نصباً . وخَرَّجه الزمخشري على الاختصاص كقوله : { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى }
والجُنُب صفةٌ على فُعُل نحو : ناقة سُرُح ، ويستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع مذكراً ومؤنثاً نحو : رجال جُنُب ، قال تعالى : { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً }
[ المائدة : 6 ] ، وبعضُهم يُثَنِّيه ويجمعه ، ومثله : شُلُل . وعن عاصم : " والجار الجَنْب " بفتح الجيم وسكون النون ، وهو وصفٌ أيضاً بمعنى المجانب كقولهم : رجلٌ عَدْل وألفُ الجار عن واو لقولهم : تجاوروا وجاوَرْتُه ، ويُجمع على جِيرة وجيران . والجَنابة : البُعْد . قال :
فلا تَحْرِمَنِّي نائلاً عن جَنابةٍ *** فإني أمرؤٌ وَسْطَ القِبابِ غريبُ
لأنَّ الإِنسان يُتْركُ جانباً ، ومنه : { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ } [ إبراهيم : 35 ] .
قوله : { بِالجَنْبِ } يجوز في الباء وجهان : أحدهما : أن تكون بمعنى " في " . والثاني : أن تكونَ على بابها وهو الأولى ، وعلى كلا التقديرين تتعلَّق بمحذوف لأنها حال من الصاحب . و { وَمَا مَلَكَتْ } يجوز أن يريد غيرَ العبيد والإِماء ب " ما " ، حَمْلاً على الأنواع كقوله : { مَا طَابَ لَكُمْ }
[ النساء : 3 ] وأن يكونَ أُريدَ جميعُ ما ملكه الإِنسان من الحيواناتِ فاختلط العاقل بغيره فأتى ب " ما " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.