الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23)

قوله : { أَفَرَأَيْتَ } : بمعنى : أَخْبِرْني ، وتقدَّم حكمُها مشروحاً . والمفعولُ الأولُ " مَنْ اتَّخذ " ، والثاني محذوف ، تقديره بعد غشاوة : أيهتدي ، ودَلَّ عليه قولُه : " فَمَنْ يهْديه " وإنما قَدَّرْتَه بعد غشاوة لأجلِ صلاتِ الموصولِ .

قوله : " على عِلْمٌ " حالٌ من الجلالةِ أي : كائناً على علمٍ منه فيه أنَّه أهلٌ لذلك . وقيل : حالٌ من المفعول أي : أضلَّه وهو عالِمٌ ، وهذا أشنعُ له .

وقرأ الأعرجُ " آلهةً " على الجمع ، وعنه كذلك مضافة لضميره : " آلهتَه هواه " .

قوله : " غِشاوة " قرأ الأخَوان " غَشْوَة " بفتح الغين وسكونِ الشين . والأعمشُ وابن مصرف كذلك إلاَّ أنَّهما كسرا الغَيْنَ . وباقي السبعة " غِشاوة " بكسر الغين . وابنُ مسعود والأعمشُ أيضاً بفتحها ، وهي لغةُ ربيعةَ . والحسن وعكرمة وعبد الله أيضاً بضمِّها ، وهي لغةُ عُكْلية . وتقدَّم الكلامُ في ذلك أولَ البقرة ، وأنَّه قُرئ هناك بالعين المهملة . والعامَّةُ : " تَذَكَّرون " بالتشديد والجحدريُّ بتخفيفها . والأعمش بتاءَيْن " تَتَذَكَّرون " .

قوله : { مِن بَعْدِ اللَّهِ } أي : مِنْ بعد إضلالِ الله إياه .