ولما أمره تعالى بالصبر لما أراده تعالى ونهاه عن ما نهاه ، أخبره بشدة عداوتهم ليتلقى ذلك بالصبر فقال : { وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك } : أي ليزلقون قومك بنظرهم الحاد الدال على العداوة المفرطة ، أو ليهلكونك من قولهم : نظر إليّ نظراً يكاد يصرعني ويكاد يأكلني ، أي لو أمكنه بنظره الصرع والأكل لفعله .
يتعارضون إذا التقوا في موطن *** نظراً يزل مواطن الأقدام
وقال الكلبي : ليزلقونك : ليصرفونك .
وقرأ الجمهور : { ليزلقونك } بضم الياء من أزلق ؛ ونافع : بفتحها من زلقت الرجل ، عدى بالفتحة من زلق الرجل بالكسر ، نحو شترت عينه بالكسر ، وشترها الله بالفتح .
وقرأ عبد الله وابن عباس والأعمش وعيسى : ليزهقونك .
وقيل : معنى { ليزلقونك بأبصارهم } : ليأخذونك بالعين ، وذكر أن اللفع بالعين كان في بني أسد .
قال ابن الكلبي : كان رجل من العرب يمكث يومين أو ثلاثة لا يأكل ، ثم يرفع جانب خبائه فيقول : لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قليلاً ثم تسقط طائفة أو عدة منها .
قال الكفار لهذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجابهم ، وأنشد :
قد كان قومك يحسبونك سيداً *** وأخال أنك سيد معيون
أي : مصاب بالعين ، فعصم الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأنزل عليه هذه الآية .
قال قتادة : نزلت لدفع العين حين أرادوا أن يعينوه عليه الصلاة والسلام .
وقال الحسن : دواء من أصابته العين أن يقرأ هذه الآية .
وقال القشيري : الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان ، لا مع الكراهة والبغض ، وقال : { ويقولون إنه لمجنون } .
وقال القرطبي : ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة له حتى يهلك . انتهى .
وقد يكون في المعين ، وإن كان مبغضاً عند العائن صفة يستحسنها العائن ، فيعينه من تلك الصفة ، لا سيما من تكون فيه صفات كمال .
{ لما سمعوا الذكر } : من يقول لما ظرف يكون العامل فيه { ليزلقونك } ، وإن كان حرف وجوب لوجوب ، وهو الصحيح ، كان الجواب محذوفاً لدلالة ما قبله عليه ، أي لما سمعوا الذكر كادوا يزلقونك ، والذكر : القرآن .
{ ويقولون إنه لمجنون } تنفيراً عنه ، وقد علموا أنه صلى الله عليه وسلم أتمهم فضلاً وأرجحهم عقلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.