البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ} (9)

{ ودوا لو تدهن } : لو هنا على رأي البصريين مصدرية بمعنى أن ، أي ودوا ادهانكم ، وتقدم الكلام في ذلك في قوله تعالى : { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } ومذهب الجمهور أن معمول ود محذوف ، أي ودوا ادهانكم ، وحذف لدلالة ما بعده عليه ، ولو باقية على بابها من كونها حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره ، وجوابها محذوف تقديره لسروا بذلك .

وقال ابن عباس والضحاك وعطية والسدي : لو تدهن : لو تكفر ، فيتمادون على كفرهم .

وعن ابن عباس أيضاً : لو ترخص لهم فيرخصون لك .

وقال قتادة : لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك .

وقال الحسن : لو تصانعهم في دينك فيصانعوك في دينهم .

وقال زيد بن أسلم : لو تنافق وترائي فينافقونك ويراؤونك .

وقال الربيع بن أنس : لو تكذب فيكذبون .

وقال أبو جعفر : لو تضعف فيضعفون .

وقال الكلبي والفراء : لو تلين فيلينون .

وقال أبان بن ثعلب : لو تحابي فيحابون ، وقالوا غير هذه الأقوال .

وقال الفراء : الدهان : التليين .

وقال المفضل : النفاق وترك المناصحة ، وهذا نقل أهل اللغة ، وما قالوه لا يخرج عن ذلك لأن ما خالف ذلك هو تفسير باللازم ، وفيدهنون عطف على تدهن .

وقال الزمخشري : عدل به إلى طريق آخر ، وهو أن جعل خبر مبتدأ محذوف ، أي فهم يدهنون كقوله : { فمن يؤمن بربه فلا يخاف } بمعنى ودوا لو تدهن فهم يدهنون حينئذ ، أو ودوا ادهانك فهم الآن يدهنون لطمعهم في ادهانك . انتهى .

وجمهور المصاحف على إثبات النون .

وقال هارون : إنه في بعض المصاحف فيدهنوا ، ولنصبه وجهان : أحدهما أنه جواب ودوا لتضمنه معنى ليت ؛ والثاني أنه على توهم أنه نطق بأن ، أي ودوا أن تدهن فيدهنوا ، فيكون عطفاً على التوهم ، ولا يجيء هذا الوجه إلا على قول من جعل لو مصدرية بمعنى أن .