فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ} (9)

{ ودوا لو تدهن فيدهنون } فإن الإدهان هو الملاينة والمسامحة والمداراة ، قال الفراء المعنى لو تلين فيلينوا لك ، وكذا قال الكلبي ، وقال الضحاك والسدي : ودوا لو تكفر فيتمادوا على الكفر ، وقال الربيع بن أنس : ودوا لو تكذب فيكذبون ، وقال قتادة : لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك ، وقال الحسن : لو تصانعهم عن دينك فيصانعونك ، وقال مجاهد : لو تركن إليهم وتترك ما أنت عليه من الحق فيمايلونك ، قال ابن قتيبة : كانوا أرادوه على أن يعبد آلهتهم مدة ويعبدوا الله مدة ، وقال ابن عباس : لو ترخص لهم فيرخصون .

وقوله فيدهنون عطف على تدهن داخل في حيز لو ، أو هو خبر مبتدأ محذوف ، أي فهم يدهنون ، قال سيبويه : وزعم قالون أنها في بعض المصاحف ، ودوا لو تدهن فيدهنوا بغير نون ، والنصب على جواب التمني المفهوم من " ودوا " والظاهر من اللغة في معنى الإدهان هو ما ذكرناه أولا ( {[1612]} ) .


[1612]:قال ابن جرير الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ودّ هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم فيلينون لك في عبادتك آلهك، كما قال جل ثناؤه:{ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} قال: وإنما هو مأخوذ من الدُّهن، شبه التليين في القول بتليين الدُّهن.