السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ} (9)

{ ودّوا } أي : تمنوا وأحبوا محبة واسعة متجاوزة للحدّ قديماً مع الاستمرار على ذلك { لو } مصدرية { تدهن فيدهنون } قال الضحاك : لو تكفر فيكفرون . وقال الكلبي : لو تلين لهم فيلينون لك . وقال الحسن : لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم . وقال زيد بن أسلم : لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون . وقال ابن قتيبة : أرادوا أن يعبد آلهتهم مدّة ويعبدون الله مدة . وقال ابن العربي : ذكر المفسرون في ذلك نحو عشرة أقوال كلها دعاوى على اللغة ، والمعنى وأمثلها : ودّوا لو تكذب فيكذبون ، ودّوا لو تكفر فيكفرون . وقال القرطبي : كلها إن شاء الله تعالى صحيحة على مقتضى اللغة والمعنى .

تنبيه : في رفع فيدهنون وجهان : أحدهما : أنه عطف على تدهن فيكون داخلاً في حيّز لو ، والثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر ، أي : فهم يدهنون . وقال الزمخشري : فإن قلت لم رفع فيدهنون ولم ينصب بإضمار أن وهو جواب التمني ، قلت : قد عدل به إلى طريق آخر وهو أن جعل خبر مبتدأ محذوف ، أي : فهم يدهنون ، كقوله تعالى : { فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً } [ الجن : 13 ] على معنى : ودّوا لو تدهن فهم يدهنون حينئذ أو ودّوا إدهانك ، فهم الآن يدهنون لطمعهم في إدهانك .