أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

شرح الكلمات :

{ فاطر السماوات والأرض } : أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سابق .

{ جعل لكم من أنفسكم أزواجا } : أي بأن جعلكم ذكراً وأنثى ، ومن الأنعام كذلك .

{ يذرؤكم فيه } : أي يخلقكم في هذا التدبير وهو من الذكر والأنثى يخرجكم .

{ ليس كمثله شيء } : أي ليس مثل الله شيء إذ هو الخالق لكل شيء فلا يكون مخلوق مثله بحال من الأحوال .

{ وهو السميع البصير } : أي السميع لأقوال عباده العليم بأعمالهم وأحوالهم .

المعنى

ثم واصل ذكر صفاته الفعلية فقال { فاطر السماوات والأرض } أي خالق السماوات السبع والأرض مبدعهما من غير مثال سابق { جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } إذْ خلق حواء من ضلع آدم ثم جعلكم تتناسلون من ذكر وأنثى ومن الأنعام أزواجاً أيضا وهما الذكر والأنثى وقوله { يذروكم فيه } أي يخلقكم فيه أي في هذا النظام نظام الذكر والأنثى كأن الذكورة والأنوثة معمل من المعامل يتم فيه خلق الإِنسان والحيوان فسبحان الله الخلاق العليم .

وقوله : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } هذا تعريف عرف تعالى به نفسه ليعرف بين عباده وهو أنه عز وجل ليس مثله شيء أي فلا شيء مثله فعرف بالتفرد بالوحدانية فالذي ليس له مثل ولا مثله شيء هو الله ذو الأسماء الحسنى والصفات العليا وهو السميع لكل الأصوات العليم بكل الكائنات .

الهداية :

من الهداية :

- تنزيه الله تعالى عن مشابهته لخلقه مع وجوب الإِيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

قوله : { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } فاطر ، بالجر ، بدل من الضمير في { عليه } وبالرفع ، على أنه خبر لمبتدأ محذوف وتقديره : هو فاطر السماوات الأرض{[4087]} أي خالقهما ومبدعهما .

قوله : { جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أي خلق لكم من أنفسكم إناثا . والمراد بذلك حواء ، فقد خلقت من نفس آدم . وقيل : خلق لكم من أنفسكم نسلا بعد نسل { وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا } والمراد بالأزواج الثمانية ؛ إذ جعل الله من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين ، ذكورا وإناثا من كلا الصنفين .

قوله : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } أي يخلقكم في ذلك الخلق ذكورا وإناثا نسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل من الناس والأنعام . قوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } الكاف ، زائدة للتوكيد ؛ أي ليس مثله شيء ؛ فهو خالق الأزواج كلها ؛ ولأنه الفرد الأحد الصمد الذي ليس له في الكون نظير .

قال القرطبي في هذا الصدد : والذي يعتقد في هذا الباب أن الله جل اسمه في عظمته وكبريائه وملكوته وحسنى أسمائه وعَليِّ صفاته لا يشبه شيئا من مخلوقاته ولا يُشَبَّهُ به .

ونقل عن الواسطي قوله : ليس كذاته ذات ، ولا كاسمه اسم ، ولا كفعله فعل ، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ . وجَلَّت الذات القديمة أن يكون لها صفة حديثة كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة . وهذا مذهب أهل الحق والسنة والجماعة رضي الله عنهم .

وقال الرازي في ذلك : احتج علماء التوحيد قديما وحديثا بهذه الآية في نفي كونه تعالى جسما مركبا من الأعضاء والأجزاء ، وحاصلا في المكان والجهة . وقالوا : لو كان جسما لكان مثلا لسائر الأجسام فيلزم حصول الأمثال والأشباه له ، وذلك باطل بصريح قوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } .

قوله : { وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } يصف الله نفسه بأنه سميع لكل ما ينطق به الخلق ، وأنه البصير فيرى ما يقع من أعمال وأحداث ولا يخفى عليه من ذلك شيء فيحاسب العباد على كل ما فعلوه من الإحسان والإساءة .


[4087]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 345