قوله تعالى : " فاطر السماوات والأرض " بالرفع على النعت لاسم الله ، أو على تقدير هو فاطر . ويجوز النصب على النداء ، والجر على البدل من الهاء في " عليه " . والفاطر : المبدع والخالق . وقد تقدم{[13467]} . " جعل لكم من أنفسكم أزواجا " قيل معناه إناثا . وإنما قال : " من أنفسكم " لأنه خلق حواء من ضلع آدم . وقال مجاهد : نسلا بعد نسل . " ومن الأنعام أزواجا " يعني الثمانية التي ذكرها في " الأنعام " {[13468]} ذكور الإبل والبقر والضأن والمعز وإناثها . " يذرؤكم فيه " أي يخلقكم وينشئكم " فيه " أي في الرحم . وقيل : في البطن . وقال الفراء وابن كيسان : " فيه " بمعنى به . وكذلك قال الزجاج : معنى " يذرؤكم فيه يكثركم به ، أي يكثركم يجعلكم أزواجا ، أي حلائل ؛ لأنهن سبب النسل . وقيل : إن الهاء في " فيه " للجعل ، ودل عليه " جعل " ، فكأنه قال : يخلقكم ويكثركم في الجعل . ابن قتيبة : " يذرؤكم فيه " أي في الزوج ، أي يخلقكم في بطون الإناث . وقال : ويكون " فيه " في الرحم ، وفيه بعد ؛ لأن الرحم مؤنثة ولم يتقدم لها ذكر . " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " قيل : إن الكاف زائدة للتوكيد ، أي ليس مثله شيء . قال :
وصالياتٍ كَكُمَا يُؤَثْفَيْنْ{[13469]}
فأدخل على الكاف كافا تأكيدا للتشبيه . وقيل : المثل زائدة للتوكيد ، وهو قول ثعلب : ليس كهو شيء ، نحو قوله تعالى : " فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا " {[13470]} . [ البقرة : 137 ] . وفي حرف ابن مسعود " فان آمنوا بما آمنتم به فقد اهتدوا " قال أوس بن حجر :
وقتلَى كمثل جذوع النَّخِي***ل يغشاهم مطر منهمر
أي كجذوع . والذي يعتقد في هذا الباب أن الله جل اسمه في عظمته وكبريائه وملكوته وحسنى أسمائه وعليّ صفاته ، لا يشبه شيئا من مخلوقاته ولا يشبه به ، وإنما جاء مما أطلقه الشرع على الخالق والمخلوق ، فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي ؛ إذ صفات القديم جل وعز بخلاف صفات المخلوق ؛ إذ صفاتهم لا تنفك عن الأغراض والأعراض ، وهو تعالى منزه عن ذلك ، بل لم يزل بأسمائه وبصفاته على ما بيناه في ( الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ) ، وكفى في هذا قوله الحق : " ليس كمثله شيء " . وقد قال بعض العلماء المحققين : التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات ولا معطلة من الصفات . وزاد الواسطي رحمه الله بيانا فقال : ليس كذاته ذات ، ولا كاسمه اسم ، ولا كفعله فعل ، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ ، وجلت الذات القديمة أن يكون لها صفة حديثة ، كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة . وهذا كله مذهب أهل الحق والسنة والجماعة . رضي الله عنهم !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.