لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

{ فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم } يعني من جنسكم { أزواجاً } يعني حلائل ، وإنما قال من أنفسكم لأن الله تعالى خلق حواء من ضلع آدم { ومن الأنعام أزواجاً } يعني أصنافاً ذكراناً وإناثاً { يذرؤكم } يعني يخلقكم وقيل يكثركم { فيه } يعني في الرحم وقيل في البطن لأنه قد تقدم ذكر الأزواج وقيل نسلاً بعد نسل حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل وقيل الضمير في يذرؤكم يرجع إلى المخاطب من الناس والأنعام إلا أنه غلب جانب الناس وهم العقلاء على غير العقلاء من الأنعام ، وقيل في بمعنى الباء أي يذرؤكم به أي يكثركم بالتزويج { ليس كمثله شيء } المثل صلة أي ليس كهو شيء وقيل الكاف صلة مجازه ليس مثله شيء ، قال ابن عباس : ليس له نظير .

فإن قلت هذه الآية دالة على نفي المثل وقوله تعالى : { وله المثل الأعلى في السماوات والأرض } يقتضي إثبات المثل فما الفرق .

قلت المثل الذي يكون مساوياً في بعض الصفات الخارجية على الماهية فقوله ليس كمثله شيء معناه ليس له نظير ، كما قاله ابن عباس أو يكون معناه ليس لذاته سبحانه وتعالى مثل وقوله { وله المثل الأعلى } معناه وله الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله ولا يشاركه فيه أحد فقد ظهر بهذا التفسير معنى الآيتين وحصل الفرق بينهما { وهو السميع } يعني لسائر المسموعات { البصير } يعني المبصرات .