الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

ثم قال : { فاطر السموات والأرض }{[60705]} ، أي : هو ( خالقهما ومبتدعهما ){[60706]} .

{ جعل لكم من أنفسكم أزواجا } أي : زوجكم ربكم من أنفسكم أزواجا ، يعني : خلق حواء من ضلع آدم{[60707]} .

ثم قال تعالى : { ومن الأنعام أزواجا } يعني : من الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين .

ثم قال : { يذرؤكم فيه } ( أي : بخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم ، وبعيشكم فيما جعل لكم من الأنعام ){[60708]} .

قال مجاهد : { يذرؤكم فيه } ( فيه ، نسل بعد نسل من الناس والأنعام ) .

وقال السدي : يذرؤكم : يخلقكم .

وقال ابن عباس : ( جعل الله فيه معيشة تعيشون بها ) .

قال قتادة : يذرؤكم فيه ، قال : ( عيش من الله جل ثناؤه يعيشكم{[60709]} فيه ){[60710]} .

وقال الزجاج : ( يذرؤكم فيه أي : يكثركم فيه ){[60711]} ( ف ( في ) ){[60712]} عنده في موضع الباء{[60713]} .

والمعنى{[60714]} على قوله : يكثركم ، يخلقكم أزواجا .

وقال القتبي : يذرؤكم فيه ، أي : في الزوج{[60715]} .

( فالمعنى : يخلقكم في بطون الإناث .

وقال علي بن سليمان : ( يذرؤكم : ينبتكم من حال إلى حال ){[60716]} .

وحكى أبو زيد ){[60717]} وغيره من العرب ، ذرأ الله الخلق يذرؤهم ، أي : خلقهم{[60718]} .

ثم قال تعالى : { ليس كمثله شيء }{[60719]} الكاف في ( كمثله ) زائدة للتوكيد لا موضع لها{[60720]} . وموضع ( كمثله ) كله موضع نصب خبر ( ليس ){[60721]} .

وقيل المعنى : ليس هو شيء ، ولكن دخلت ( المثل ) في الكلام للتوكيد{[60722]} .

ثم قال : { وهو السميع البصير } أي : السميع لما ينطق به من خلقه من قول ، البصير بأعمالهم ، لا يخفى عليه{[60723]} منها شيء .


[60705]:مشطب في (ح).
[60706]:(ح): خلقها ومبتدعها.
[60707]:(ح): آدم صلى الله عليه وسلم.
[60708]:في طرة (ت).
[60709]:(ت): يعيشهم.
[60710]:انظر جامع البيان 25/8،9.
[60711]:انظر معاني الزجاج 4/395.
[60712]:(ح): في.
[60713]:وهو قول النحاس في إعرابه 4/73، والفراء وابن كيسان في جامع القرطبي 16/8. وانظر الجنى الداني 251، وتفسير ابن كثير 4/109 حيث ورد مجهول القائل.
[60714]:(ح): فالمعنى.
[60715]:انظر جامع القرطبي 16/8.
[60716]:انظر إعراب النحاس حيث جاء هذا القول بلفظه 4/73.
[60717]:في طرة (ت). وأبو زيد هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري أبو زيد. أحد أئمة الأدب واللغة. من أهل البصرة. كان قدريا من مؤلفاته (لغات القرآن) و(غريب الأسماء). توفي سنة 215 هـ. انظر إنباه الرواة 2/30 ت 269، ووفيات الأعيان 2/378 ت 263.
[60718]:انظر إعراب النحاس 4/73.
[60719]:(ت): (شيء وهو السميع).
[60720]:قال بهذا الإعراب أيضا الزجاج في معانيه، وابن الأنباري في البيان 2/345، والمرادي في الجنى الداني 79.
[60721]:انظر مشكل إعراب القرآن 2/645.
[60722]:(ح): للتوحيد.
[60723]:في طرة (ت) وساقط من (ح).