{ تعجبك أجسامهم } : أي لجمالها إذ كان ابن أبي جسيما صحيحاً وصبيحاً ذلق اللسان .
{ وإن يقولوا تسمع لقولهم } : أي لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم .
{ كأنهم خشب مسندة } : أي كأنهم من عظم أجسامهم وترك التفهم وعدم الفهم خشب مسندة أي أشباح بلا أرواح ، وأجسام بلا أحلام .
{ يحسبون كل صيحة عليهم } : أي يظنون كل صوت عال يسمعونه كنداء في عسكر أو إنشاد ضالة عليهم وذلك لما في قلوبهم من الرعب أن ينزل فيهم ما يبيح دماءهم .
{ هم العدو فاحذرهم } : أي العدو التام العداوة فاحذرهم أن يفشوا سرك أو يريدوك بسوء .
{ قاتلهم الله أنى يؤفكون } : أي لعنهم الله كيف يصرفون عن الإِيمان وهم يشاهدون أنواره وبراهينه .
وقوله تعالى في الآية ( 4 ) { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } أي وإذا رأيت يا رسولنا هؤلاء المنافقين ونظرت إليهم تعجبك أجسامهم لجمالها إذ كان أبن أبي جسيما صبيحاً وإن يقولوا تسمع لقولهم وذلك لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم . وقوله تعالى : { كأنهم خشب مسندة } وهو تشبيه رائع : إنهم لطول أجسامهم وجمالها وعدم فهمهم وقلة الخير فيهم كأنهم خشب مسندة على جدار لا تشفع ولا تنفع كما يقال .
وقوله تعالى : { يحسبون كل صيحة عليهم } وذلك لخوفهم والرعب المتمكن من نفوسهم نتيجة ما يضمرون من كفر وعداء وبغض للإِسلام وأهله فهم إذا سمعوا صيحة في معسكر أو صوت منشد ضالة يتوقعون أنهم معنيون بذلك شأن الخائن وأكثر ما يخافون أن ينزل القرآن بفضيحتهم وهتك أستارهم . قال تعالى هم العدو فاحذرهم يا رسولنا إن قلوبهم مع أعدائك فهم يتربصون بك الدوائر .
قال تعالى : { قاتلهم الله أني يؤفكون } فسجل عليهم لعنة لا تفارقهم إلى يوم القيامة كيف يصرفون عن الحق وأنواره تغمرهم القرآن ينزل والرسول يعلم ويزكى وآثار ذلك في المؤمنين ظاهرة في آرائهم وأخلاقهم . ولم يشاهدوا شيئاً من ذلك والعياذ بالله من عمى القلوب وانطماس البصائر .
- التحذير من الاغترار بالمظاهر كحسن الهندام وفصاحة اللسان .
- الكشف عن نفسية الخائن والظالم والمجرم وهو الخوف والتخوف من كل سوت أو كلمة خشية أن يكون ذلك بيانا لحالهم وكشفاً لجرائمهم .
قوله : { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم } كان المنافقون أولي هيئات حسنة ومناظر بهية وكانوا أولي فصاحة وبيان فإذا تكلموا أجادوا في الكلام فأصغى إليهم سامعوهم لحسن قولهم وبلاغة حديثهم . وقيل : المراد بذلك عبد الله بن أبي ابن سلول . وقد قال عنه ابن عباس : كان عبد الله من أبيّ وسيما جسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان . فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالته . وقيل الخطاب لكل من يصلح له من المنافقين . وهو الأظهر .
قوله : { كأنهم خشب مسنّدة } يعني كأن هؤلاء المنافقين خشب مسندة إلى الحائط ، لأنها لا قلوب فيها ولا عقول . فهي جوفاء ، فارغة من كل وعي أو خير أو وازع . فهم أشبه بصور عمياء ، وأشباح خرساء ليس فيها أرواح { يحسبون كل صيحة عليهم } هؤلاء المنافقون جبناء خائرون مهزومون . وهم موغلون في الاضطراب والهلع والجزع والخور . فهم بذلك كلما حصل أمر أو نزلت حادثة أو غشي الناس خبر ، ظنوا - واهمين مذعورين - أن ذلك نازل بهم أو من أجلهم لفضحهم وكشف أستارهم .
قوله : { هم العدو فاحذرهم } يبين الله في ذلك أن هؤلاء المنافقين أولو عداوة كاملة ، لأنهم يخفون في قلوبهم الكفر فهم خبيثون ، ماكرون مخادعون . فخذ حذرك منهم يا محمد أن يثبّطوا أصحابك ويشيعوا فيهم الشكوك والأراجيف ويمالئوا عليك الأعداء من الكافرين .
قوله : { قاتلهم الله } يعني أخزاهم الله ، كيف يصرفون عن الحق ، وتميل قلوبهم عن الإيمان الصحيح مع وضوح دلائله وبيناته{[4545]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.