{ إن المسلمين والمسلمات } : إن الذين أسلموا لله وجوههم فانقادوا لله ظاهراً وباطناً والمسلمات أيضاً .
{ والمؤمنين والمؤمنات } : أي المصدقين بالله رباً وإلهاً والنبي محمد نبياً ورسولاً والإِسلام دينا وشرعاً والمصدقات .
{ والقانتين والقانتات } : أي المطيعين لله ورسوله من الرجال والمطيعات من النساء .
{ والصادقين والصادقات } : أي الصادقين في أقوالهم وأفعالهم والصادقات .
{ والصابرين والصابرات } : أي الحابسين نفوسهم على الطاعات فلا يتركوها وعن المعاصي فلا يقربوها وعلى البلاء فلا يسخطوه ولا يشتكوا الله إلى عباده والحابسات .
{ والخاشعين والخاشعات } : أي المتذللين لله المخبتين له والخاشعات من النساء كذلك .
{ والمتصدقين والمتصدقات } : أي المؤدين الزكاة والفضل من أموالهم عند الحاجة إليه والمؤديات كذلك .
{ والحافظين فروجهم } : أي عن الحرام والحافظات كذلك إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم بالنسبة للرجال أما النساء فالحافظات فروجهن إلا على أزواجهن فقط .
{ والذاكرين الله كثيرا والذاكرات } : أي بالألسن والقلوب فعلى أقل تقدير يذكرن الله ثلاثمائة مرة في اليوم والليلة زيادة على ذكر الله في الصلوات الخمس .
{ أعد الله لهم مغفرة } : أي لذنوبهم وذنوبهن .
{ وأجراً عظيماً } : أي الجنة دار الأبرار .
هذه الآية وإن نزلت جواباً عن تساؤل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذ قلن للنبي صلى الله عليه وسلم : ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال فأنزل الله تعالى هذه الآية المباركة إن المسلمين والمسلمات ، فإن مناسبتها لما قبلها ظاهرة وهي أنه لما أثنى على آل البيت بخير فإن نفوس المسلمين والمسلمات تتشوق لخير لهم كالذي حصل لآل البيت الطاهرين فذكر تعالى أن المسلمين والمسلمات الذين انقادوا لأمر الله ورسوله وأسلموا وجوههم لله فلا يلتفتون إلى غيره ، كالمؤمنين والمؤمنات بالله رباً وإلهاً ومحمداً نبياً ورسولاً والإِسلام ديناً وشرعا ، كالقانتين أي المطيعين لله ورسوله والمطيعات في السراء والضراء والمنشط والمكره في حدود الطاقة البشرية ، كالصادقين في أقوالهم وأفعالهم والصادقات كالصابرين أي الحابسين نفوسهم على الطاعات فعلا ، وعن المحرمات تركا ، وعلى البلاء رضاً وتسليماً والصابرات كالخاشعين في صلاتهم وسائر طاعاتهم والخاشعات لله تعالى كالمتصدقين بأداء زكاة أموالهم وبفضولها عند الحاجة إليها والمتصدقات كالصائمين رمضان والنوافل كعاشوراء والصائمات ، كالحافظين فروجهم عما حرم الله عليهم من المناكح وعن كشفها لغير الأزواج والحافظات ، كالذاكرين الله كثيراً بالليل والنهار ذكر القلب واللسان والذاكرات الكل الجميع أعد الله تعالى لهم مغفرة لذنوبهم إذ كانت لهم ذنوب ، وأجراً عظيماً أي جزاء عظيماً على طاعاتهم بعد إِيمانهم وهو الجنة دار السلام جعلنا الله منهم ومن أهل الجنة .
* بشرى المسلمين والمسلمات بمغفرة ذنوبهم ودخول الجنة إن اتصفوا بتلك الصفات المذكورة في هذه الآية وهي عشر صفات أولها الإِسلام وآخرها ذكر الله تعالى .
* فضل الصفات المذكورة إذ كانت سبباً في دخول الجنة بعد مغفرة الذنوب .
* تقرير مبدأ التساوي بين الرجال والنساء في العمل والجزاء في العمل الذي كلف الله تعالى به النساء والرجال معاً ، وأما ما خص به الرجال أو النساء فهو على خصوصيته للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، والله يقول الحق ويهدي السبيل .
الأولى- روى الترمذي عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال ، وما أرى النساء يذكرن بشيء ! فنزلت هذه الآية : " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " الآية . هذا حديث حسن غريب . و " المسلمين " اسم " إن " . " والمسلمات " عطف عليه . ويجوز رفعهن عند البصريين ، فأما الفراء فلا يجوز عنده إلا فيما لا يتبين فيه الإعراب .
الثانية- بدأ تعالى في هذه الآية بذكر الإسلام الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح ، ثم ذكر الإيمان تخصيصا له وتنبيها على أنه عظم الإسلام ودعامته . والقانت : العابد المطيع . والصادق : معناه فيما عوهد عليه أن يفي به . والصابر عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط{[12821]} . والخاشع : الخائف لله . والمتصدق بالفرض والنفل . وقيل : بالفرض خاصة ، والأول أمدح . والصائم كذلك . " والحافظين فروجهم والحافظات " أي عما لا يحل من الزنى وغيره . وفي قوله : " والحافظات " حذف يدل عليه المتقدم ، تقديره : والحافظاتها ، فاكتفى بما تقدم . وفي " الذاكرات " أيضا مثله ، ونظيره قول الشاعر :
وكُمْتًا مُدَمَّاة كأن متونها *** جرى فوقها واستشعرت لونُ مُذْهَبِ{[12822]}
وروى سيبويه : " لون مذهب " بالنصب . وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء ، كأنه قال : واستشعرته ، فيمن رفع لونا . والذاكر قيل في أدبار الصلوات وغدوا وعشيا ، وفي المضاجع وعند الانتباه من النوم . وقد تقدم هذا كله مفصلا في مواضعه ، وما يترتب عليه من الفوائد والأحكام ، فأغنى عن الإعادة{[12823]} . والحمد لله رب العالمين . قال مجاهد : لا يكون ذاكرا لله تعالى كثيرا حتى يذكره قائما وجالسا ومضطجعا . وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : من أيقظ أهله بالليل وصليا أربع ركعات كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.