جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ } : المنقادين لأمر الله ، { وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ } : المصدقين بما يجب التصديق به ، { وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ } : المداومين على الطاعة ، { وَالْقَانِتَاتِ{[4084]} وَالصَّادِقِينَ } في جميع الأحوال ، { وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ } : على المصائب ، { وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ } : المتواضعين لله ، { وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ } : المحسنين إلى الناس ، { وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ } عن سعيد بن جبير من صام بعد الفرض ثلاثة أيام من كل شهر دخل في الصائمين ، { وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ } عن الحرام ، { وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ } في الحديث{[4085]} ( من أيقظ امرأته من الليل فصليا ركعتين كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات ) ، { أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً } ، لذنوبهم ، { وَأَجْرًا عَظِيمًا{[4086]} } عن أم سلمة أنها قالت : ( قلت يا نبي الله ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال ، فنزلت ){[4087]} ،


[4084]:ثم إذا آمن وعمل صالحا كمل فيكمل غيره ويأمر بالمعروف، وينصح أخاه ويصدق في كلامه عند النصيحة، وهو المراد بقوله والصادقين والصادقات، ثم إن من يأمر المعروف وينهى عن المنكر يصيبه أذى فيصبر عليه، كما قال تعالى: {والصابرين والصابرات} ثم إنه إذ أكمل وكمل قد يفتخر بنفسه ويعجب بعبادته فمنعه منه بقوله: {والخاشعين والخاشعات}، ولما ذكر هذه الحسنات أشار إلى ما يمنع منها هو إما حب الجاه أو حب المال من الأمور الخارجية أو الشهوة فقال: {والمتصدقين والمتصدقات} أي: الباذلين الأموال الذين لا يكنزونها لشدة محبتهم إياها، ثم قال: {والصائمين والصائمات} إشارة إلى الذين لا تمنعهم الشهوة البطنية من عبادة الله، ثم قال: {والحافظين فروجهم والحافظات} أي: الذين لا تمنعهم الشهوة الفرجية، ثم قال: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} يعني هم في جميع هذه الأحوال يذكرون الله، ويكون إسلامهم وإيمانهم وقنوتهم وصدقهم وصبرهم وخشوعهم، وصدقتهم وصومهم بنية خالصة لله، واعلم أن الله تعالى في أكثر المواضع حيث ذكر الذكر قرنه بالكثرة هاهنا، وفي قوله بعد هذا: {يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا} وقال من قبل: {لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} [الأحزاب: 21] لأن الإكثار من الأفعال البدنية غير ممكن أو عسير، ولكن لا مانع أن يذكر الله تعالى وهو آكل، ويذكره وهو شارب أو ماش أو بائع أو شار، وإلى هذا أشار بقوله تعالى: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} [آل عمران: 191] /12 وجيز.
[4085]:رواه النسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم [وكذا أبو داود والحاكم بسند صحيح، وانظر صحيح الجامع] /12 وجيز.
[4086]:لا يعرف أحد قدر ما عظمه الله، ولما ذكر أن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وحرض أمته على إطاعته وحذرهم من مخالفته أتبع ذلك بقوله: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة} الآية /12 وجيز.
[4087]:رواه النسائي وغيره 12 وجيز، وعزاه في الفتح إلى أحمد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مروديه [وسنده صحيح] /12.