النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

قوله عز وجل : { إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنيِنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } سبب نزول هذه الآية ما رواه يحيى بن عبد الرحمن عن أم سلمة قالت : يا رسول الله ما للرجال يذكرون في القرآن ولا تذكر النساء فنزلت { إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ } . الآية وفيها قولان :

أحدهما : يعني بالمسلمين والمسلمات المتذللين والمتذللات . وبالمؤمنين والمؤمنات المصدقين والمصدقات .

الثاني : أنهما في الدين ، فعلى هذا في الإسلام والإيمان قولان :

أحدهما : أنهما واحد في المعنى وإن اختلفا في الأسماء .

الثاني : أنهما مختلفان على قولين :

أحدهما : أن الإسلام الإقرار باللسان ، والإيمان التصديق به ؛ قاله الكلبي .

الثاني : أن الإسلام هو اسم الدين والإيمان هو التصديق به والعمل عليه .

{ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتاتِ } فيه وجهان :

أحدهما : المطيعين والمطيعات ، قاله ابن جبير .

الثاني : الداعين والداعيات .

{ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ } فيه وجهان :

أحدهما : الصادقين في إيمانهم والصادقات ، قاله ابن جبير .

الثاني : في عهودهم .

{ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ } فيه وجهان :

أحدهما : على أمر الله ونهيه ، قاله ابن جبير .

الثاني : في البأساء والضراء .

{ والْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : المتواضعين والمتواضعات ، قاله ابن جبير .

الثاني : الخائفين والخائفات : قاله يحيى بن سلام وقتادة .

الثالث : المصلين والمصليات ، قاله الكلبي .

{ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ } فيه وجهان :

أحدهما : المتصدقين والمتصدقات بأنفسهم في طاعة الله .

الثاني : بأموالهم . ثم فيه وجهان :

أحدهما : المؤدين الزكوات المفروضات .

الثاني : المتطوعين بأداء النوافل بعد المفروضات ، قاله ابن شجرة .

{ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ } فيه وجهان :

أحدهما : الإمساك عن المعاصي والقبائح .

الثاني : عن الطعام والشراب وهو الصوم الشرعي . وفيه وجهان :

أحدهما : صوم الفرض .

الثاني : شهر رمضان وثلاثة أيامٍ من كل شهر قاله ابن جبير . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صَومُ الشَّهْرِ وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ{[2218]} يُذْهِبْنَ وَغْرَ الصَّدْرِ " .

{ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ } فيه وجهان :

أحدهما : عن الفواحش .

الثاني : أنه أراد منافذ الجسد كلها فيحفظون أسماعهم عن اللغو والخنا ، وأفواههم عن قول الزور وأكل الحرام ، وفروجهم عن الفواحش .

{ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ } فيهم ثلاثة أوجه :

أحدها : باللسان قاله يحيى بن سلام .

الثاني : التالون لكتابه ، قاله ابن شجرة .

الثالث : المصلين والمصليات ، حكاه النقاش .

{ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجَرْاً عَظِيماً } لعملهم ، قاله ابن جبير . قال قتادة : وكانت هذه الآية أول آية نزلت في النساء فذكرن بخير .


[2218]:رواه النسائي في الصوم 4/ 208.