اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

قوله : { إِنَّ المسلمين والمسلمات } قال مقاتل : قالت أم سلمة بنت أبي أمية ، ونسيبة بنت كعب الأنصارية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه نَخْشَى أن لا يكون فيهن خير فنزلت فيهن هذه الآية{[43559]} ، ويروى{[43560]} أن أزواج النبي – عليه الصلاة والسلام - قلن : يا رسول الله ذكر الرجال في القرآن ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر إنا نخاف أن لا تقبل منا طاعة ، فأنزل{[43561]} الله هذه الآية ، ورُوِيَ «أن أسماء بنت عميسٍ{[43562]} رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فدخلت على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : هل نزل فينا شيء من القرآن قلن : لا فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله إن السناء لفي خيبة وخسارة ، قال : وممَّ ذلك ؟ قالت : لأنهن لا يذكرن بخير كما تذكر الرجال » فأنزل الله{[43563]} - عز وجل - : { إِنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين } المطيعين { والقَانِتَاتِ والصَّادِقينَ } في إيمانهم ، وفيما سرهم وساءهم{[43564]} { والصَّادِقَاتِ والصَّابِرِينَ } على أمر الله { والصَّابِرَاتِ والخَاشِعِينَ } المتواضعين { والخَاشِعَاتِ } . وقيل : أراد به الخشوع في الصلاة ومن الخشوع أن لا يلتفت { والمُتَصَدِّقينَ } مما رزقهم الله { والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فُرُوجَهُمْ } عما لا يحِل { والحَافِظَاتِ } . وحذف مفعول الحافظات لتقدم ما يدل عليه والتقدير : والحَافِظَاتِها وكذلك : والذاكرات ، وحسن الحذف رُؤُوس الفواصل { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات } ، قال مجاهد : لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً{[43565]} . وروي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال سبق المفردون ، قالوا : وما المفردُونَ ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات »{[43566]} . قال عطاء بن أبي رباح من فوض أمره إلى الله عز وجل فهو داخل في قوله : { إِنَّ{[43567]} المسلمين والمسلمات } ومن أقر بأن الله ربه ، ومحمداً رسوله ، ولم يخالف قلبُه لسانه فهو داخل في قوله : «والمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ » ومن أطاع الله في الفرض ، والرسول في السنة فهو داخل في قوله : «والقَانِتِينَ والقَانِتَاتِ » ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل في قوله : «والصَّادِقِينَ والصَّادِقَاتِ » ومن صَبَرَ على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزية فهو داخل في قوله : «والصابرين والصابرات » ومن صلى ولم يعرف من يمينه عن يساره فهو داخل في قوله : «والخَاشِعِينَ والخَاشِعَاتِ » ومن تصدق في كل أسبوع بدرهم فهو داخل في قوله : «والمُتَصَدِّقِينَ والمُتَصَدِّقَاتِ » ، ومن صام في كل شهر أيام البيض الثالثَ عَشَر ، والرابع عشر ، والخَامِسَ عَشَر فهو داخل في قوله : «والصَّائِمِينَ والصَّائِمَاتِ » . ومن حفظ فرجه فهو داخل في قوله «والحَافِظِينَ فُرُوجهُمْ والحَافِظَاتِ » ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله : { والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات أَعَدَّ الله لَهُم مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } وغلب المذكر على المؤنث في «لهم » ولم يقل : «لهن » ( لشرفهم ){[43568]} .


[43559]:انظر: معالم التنزيل للبغوي 4/259 و 260.
[43560]:في "ب" روي.
[43561]:المرجع السابق.
[43562]:هي الخثعمية وأخت ميمونة لأمها ولها ستون حديثاً وتزوجها أبو بكر بعد جعفر. انظر: خلاصة الكمال 488 هـ.
[43563]:انظر: تفسير الخازن 4/260 وانظر في هذا كله أسباب النزول للسيوطي 139.
[43564]:في "ب" وأساءهم.
[43565]:ذكره كلّ من البغوي والخازن في تفسيريهما 4/260.
[43566]:سبق.
[43567]:المرجعان السابقان.
[43568]:سقط من "أ".