الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

يروى : أنّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن : يا رسولَ اللَّهِ ، ذكر اللَّهُ [ تعالى ] الرجالَ في القرآنِ بخيرٍ ، أفما فينا خير نذكر بهِ ؟ إنا نخاف أن لا تقبل منا طاعة . وقيل : السائلة أم سلمة .

وروي : أنه لما نزل في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما نزل ، قال نساء المسلمين : فما نزل فينا شيء ؟ فنزلت ، والمسلم : الداخل في السلم بعد الحرب ، المنقاد الذي لا يعاند ، أو المفوّض أمره إلى الله [ تعالى ] المتوكل عليه من أسلم وجهه إلى الله . والمؤمن : المصدق بالله ورسوله وبما يجب أن يصدق به . والقانت : القائم بالطاعة الدائم عليها . والصادق : الذي يصدق في نيته وقوله وعمله . والصابر : الذي يصبر على الطاعات وعن المعاصي . والخاشع : المتواضع لله بقلبه وجوارحه . وقيل : الذي إذا صلّى لم يعرف من عن يمينه وشماله . والمتصدق : الذي يزكي ماله ولا يخل بالنوافل . وقيل : من تصدّق في أسبوع بدرهم فهو من المتصدّقين . ومن صام البيض من كل شهر فهو من الصائمين . والذاكر لله كثيراً : من لا يكاد يخلو من ذكر الله بقلبه أو لسانه أو بهما . وقراءة القرآن والاشتغال بالعلم من الذكر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

« من استيقظ من نومه وأيقظ امرأته فصليا جميعاً ركعتين كتبا في الذاكرين لله كثيراً والذاكرات » والمعنى : والحافظاتها والذاكراته ، فحذف ؛ لأنّ الظاهر يدلّ عليه .

فإن قلت : أي فرق بين العطفين ، أعني عطف الإناث على الذكور وعطف الزوجين على الزوجين ؟ قلت : العطف الأوّل نحو قوله تعالى : { ثيبات وَأَبْكَاراً } [ التحريم : 5 ] في أنهما جنسان مختلفان ، إذا اشتركا في حكم لم يكن بدّ من توسيط العاطف بينهما . وأما العطف الثاني فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع ، فكأن معناه : إنّ الجامعين والجامعات لهذه الطاعات { أَعَدَّ الله لَهُم } .