فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ } بدأ سبحانه بذكر الإسلام الذي هو مجرد الدخول في الدين والانقياد له مع العمل ، كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن الإسلام قال : هو أن تشهد أن لا إله إلا الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان ، ثم عطف على المسلمين المسلمات تشريفا لهن بالذكر وهكذا فيما بعد إن كن داخلات في لفظ المسلمين والمؤمنين ونحو ذلك ، والتذكير إنما هو لتغليب الذكور على الإناث كما في جميع ما ورد في الكتاب العزيز من ذلك ، ثم ذكر :

{ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } وهم من يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ } القانت المطيع العابد ، وكذا القانتة ، وقيل المداومين على العبادة والطاعة .

{ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ } هما من يتكلم بالصدق ويتجنب الكذب ويفي بما عوهد عليه .

{ والصابرين والصابرات } هما من يصبر عن الشهوات وعلى مشاق التكليف .

{ والخاشعين والخاشعات } أي المتواضعين لله الخائفين منه الخاضعين في عبادتهم لله .

{ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ } هما من تصدق من ماله بما أوجبه الله عليه ، وقيل ذلك أعم من صدقة الفرض والنفل .

{ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ } قيل : ذلك مختص بالفرض ، وقيل هو أعم .

{ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ } فروجهن عن الحرام بالتعفف والتنزه والاقتصار على الحلال .

{ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ } الله كثيرا هما من يذكر الله على جميع أحواله ، وفي ذكر الكثرة دليل على مشروعية الاستكثار من ذكر الله سبحانه بالقلب واللسان ، والخبر لجميع ما تقدم هو قوله :

{ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً } لذنوبهم التي أذنبوها { وَأَجْرًا عَظِيمًا } على طاعاتهم التي فعلوها من الإسلام والإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والتصدق والصوم والعفاف والذكر ، ووصف الأجر بالعظيم للدلالة على أنه بالغ غاية المبالغ ، ولا شيء أعظم من أجر هو الجنة ونعيمها الدائم الذي لا ينقطع ولا ينفد . اللهم اغفر ذنوبنا وأعظم أجورنا .

وقد أخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة قالت : قلت يا رسول الله فما لنا لا نذكر في القرآن كما تذكر الرجال فلم يرعني منه ذات يوم إلا نداؤه على المنبر وهو يقول : ( إن الله يقول إن المسلمين والمسلمات الآية واخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه ، والطبراني عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت هذه الآية ، وعن ابن عباس قال : قالت النساء يا رسول الله ما باله يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات ، فنزلت هذه الآية . أخرجه الطبراني وابن جرير وابن مردويه بإسناد ، قال السيوطي : حسن .