أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٖ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّآ إِذَا تَمَنَّىٰٓ أَلۡقَى ٱلشَّيۡطَٰنُ فِيٓ أُمۡنِيَّتِهِۦ فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ ثُمَّ يُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (52)

شرح الكلمات :

{ من رسول ولا نبي } : الرسول ذكر من بني آدم أوحي إليه بشرع وأمر بإبلاغه والنبي مقرر لشرع من قبله .

{ تمنى في أمنيته } : أي قرأ في أمنيته ، أي في قراءته .

{ ثم يًحكم الله آياته } : أي بعد إزالة ما ألقاه الشيطان في القراءة بحُكم الله آياته أي يثبتها .

المعنى :

بعد التسلية الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم التي تضمنها قوله تعالى :

{ وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح . . الخ } ذكر تعالى تسلية ثانية وهي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ حول الكعبة في صلاته سورة النجم والمشركون حول الكعبة يسمعون فلما بلغ قوله تعالى : { أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى } ألقى الشيطان في مسامع المشركين الكلمات التالية : " تلك الغرانيق العلا ، وإن شفاعتهم لترتجى " ففرح المشركون بما سمعوا ظناً منهم أن يقدر على السجود فأخذ حيثة من تراب وسجد عليها وشاع أن محمداً قد اصطلح مع قومه حتى رجع المهاجرون من الحبشة فكرب لذلك رسول الله وحزن فأنزل الله تعالى هذه الآية تسلية له فقال : { وما أرسلنا من قبلك من رسول } ذي رسالة يبلغها ولا نبي مقرر لرسالة نبي قلبه { إلا إذا تمنى } أي قرأ { ألقى الشيطان في أمنيته } أي في قراءته { فينسخ الله } أي يزيل ويبطل { ما يلقي الشيطان } من كلمات في قلوب الكافرين أوليائه { ثم يُحكم الله آياته } بعد إزالة ما قاله الشيطان فيثبتها فلا تقبل زيادة ولا نقصانا ، والله عليم بخلقه وأحوالهم وأعمالهم لا يخفى عليه شيء من ذلك حكيم في تدبيره وشرعه هذه سنته تعالى في رسله وأنبيائه ، فلا تأس يا رسول الله ولا تحزن