{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } «من » لابتداء الغاية { مِن رَّسُولٍ } «من » زائدة لتأكيد النفي { وَلاَ نَبِيّ } هذا دليل بين على ثبوت التغاير بين الرسول والنبي بخلاف ما يقول البعض إنهما واحد . وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء فقال " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً " فقيل : فكم الرسل منهم ؟ فقال : " ثلثمائة وثلاثة عشر " والفرق بينهما أن الرسول من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه ، والنبي من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر أن يدعو إلى شريعة من قبله . وقيل : الرسول واضع شرع والنبي حافظ شرع غيره { إِلاَّ إِذَا تمنى } قرأ ، قال
تمنى كتاب الله أول ليلة . . . تمنى داود الزبور على رسل
{ أَلْقَى الشيطان فِى أُمْنِيَّتِهِ } تلاوته . قالوا : إنه عليه السلام كان في نادي قومه يقرأ «والنجم » فلما بلغ قوله { ومناة الثلاثة الأخرى } [ النجم : 20 ] جرى على لسانه «تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى » ولم يفطن له حتى أدركته العصمة فتنبه عليه . وقيل : نبهه جبريل عليه السلام فأخبرهم أن ذلك كان من الشيطان . وهذا القول غير مرضي لأنه لا يخلوا إما أن يتكلم النبي عليه السلام بها عمداً وإنه لا يجوز لأنه كفر ولأنه بعث طاعناً للأصنام لا مادحاً لها ، أو أجرى الشيطان ذلك على لسان النبي عليه السلام جبراً بحيث لا يقدر على الامتناع منه وهو ممتنع لأن الشيطان لا يقدر على ذلك في حق غيره لقوله تعالى : { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان } [ الإسراء : 65 ] ففي حقه أولى ، أو جرى ذلك على لسانه سهواً وغفلة وهو مردود أيضاً لأنه لا يجوز مثل هذه الغفلة عليه في حال تبليغ الوحي ولو جاز ذلك لبطل الاعتماد على قوله ، ولأنه تعالى قال في صفة المنزل عليه
{ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [ فصلت : 42 ] وقال : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون } [ الحجر : 9 ] فلما بطلت هذه الوجوه لم يبق إلا وجه واحدٍ وهو أنه عليه السلام سكت عند قوله { ومناة الثالثة الأخرى } فتكلم الشيطان بهذه الكلمات متصلاً بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم فوقع عند بعضهم أنه عليه السلام هو الذي تكلم بها ، فيكون هذا إلقاء في قراءة النبي عليه السلام وكان الشيطان يتكلم في زمن النبي عليه السلام ويسمع كلامه ، فقد رُوي أنه نادى يوم أحد ألا إن محمداً قد قتل وقال يوم بدر : { لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ } [ الأنفال : 48 ]
{ فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان } أي يذهب به ويبطله ويخبر أنه من الشيطان { ثُمَّ يُحْكِمُ الله ءاياته } أي يثبتها ويحفظها من لحوق الزيادة من الشيطان { والله عَلِيمٌ } بما أوحى إلى نبيه وبقصد الشيطان { حَكِيمٌ } لا يدعه حتى يكشفه ويزيله . ثم ذكر أن ذلك ليفتن الله تعالى به قوماً بقوله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.