التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (68)

{ وربك يخلق ما يشاء ويختار } قيل : سببها استغراب قريش لاختصاص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة ، فالمعنى أن الله يخلق ما يشاء ، ويختار لرسالته من يشاء من عباده ، ولفظها أعم من ذلك ، والأحسن حمله على عمومه أي : يختار ما يشاء من الأمور على الإطلاق ، ويفعل ما يريد .

{ ما كان لهم الخيرة } : { ما } نافية ، والمعنى ما كان للعباد اختيار إنما الاختيار والإرادة لله وحده . فالوقف على قوله ويختار ، وقيل : إن { ما } مفعولة بيختار ، ومعنى الخيرة على هذا الخير والمصلحة ، وهذا يجري على قول المعتزلة ، وذلك ضعيف لرفع الخيرة على أنها اسم كان ، ولو كانت ما مفعولة : لكان اسم كان مضمرا يعود على { ما } ؛ وكانت الخيرة منصوبة على أنها خبر { كان } ، وقد اعتذر عن هذا من قال إن { ما } مفعولة بأن يقال تقدير الكلام يختار ما كان لهم الخيرة فيه ، ثم حذف الجار والمجرور وهذا ضعيف ، وقال ابن عطية : يتجه أن تكون { ما } مفعولة إذا قدرنا كان تامة ، ويوقف على قوله : { ما كان } أي : يختار كل كائن ، ويكون { لهم الخيرة } جملة مستأنفة ، وهذا بعيد جدا .