بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (68)

قوله عز وجل : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ } وذلك أن الوليد بن المغيرة كان يقول : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] يعني به نفسه وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف فقال تعالى : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ } للرسالة من يشاء { مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة } يعني : ليس [ الخيار إليهم . ويقال : هو ربك يخلق ما يشاء ، ويختار لهم ما يشاء ، { مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة } ، أي ما كان لهم طلب الخيار ، والأفضل . ويقال : ما كان لبعضهم على بعض فضل ، والله تعالى هو الذي يختار . وقال الزجاج : الوقف على قوله ، { وَيَخْتَارُ } . والمعنى وربك يخلق ما يشاء ، ويختار . ثم قال : { مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة } ، أي لم يكن لهم أبداً يختاروا على الله ، ويكون ما للنفي . قال : ووجه آخر أن تكون بمعنى الذي يعني ، وربك يخلق ما يشاء ، ويختار الذين لهم الخيرة أن يدعوهم إليه من عبادته ، ما لهم فيه الخيرة . ويقال : ما كان لهم الخيرة . يعني : ليس لهم أن يختاروا على الله عز وجل ، وليس إليهم الاختيار ، والمعنى لا نرسل الرسل إليهم على اختيارهم .

ثم قال : { سبحان الله } أي تنزيهاً لله { وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } يعني : ما تضمر وتسر قلوبهم