مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (68)

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء } وفيه دلالة خلق الأفعال ، ويوقف على { وَيَخْتَارُ } أي وربك يخلق ما يشاء وربك يختار ما يشاء { مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة } أي ليس لهم أن يختاروا على الله شيئاً ما وله الخيرة عليهم . ولم يدخل العاطف في { ما كان لهم الخيرة } لأنه بيان لقوله { ويختار } إذ المعنى أن الخيرة لله وهو أعلم بوجوه الحكمة في أفعاله فليس لأحد من خلقه أن يختار عليه . ومن وصل على معنى ويختار الذي لهم فيه الخيرة فقد أبعد بل «ما » لنفي اختيار الخلق تقريراً لاختيار الحق ، ومن قال : ومعناه ويختار للعباد ما هو خير لهم وأصلح فهو مائل إلى الاعتزال . والخيرة من التخير يستعمل بمعنى المصدر وهو التخير وبمعنى المتخير كقولهم «محمد خيرة الله من خلقه » { سبحان الله وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي الله بريء من إشراكهم وهو منزه عن أن يكون لأحد عليه اختيار