إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (68)

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء } أنْ يخلقَه { وَيَخْتَارُ } ما يشاءُ اختيارَه من غيرِ إيجابٍ عليه ولا منعٍ له أصلاً { مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة } أي التَّخيُّرُ كالطِّيرةِ بمعنى التَّطيرِ ، والمرادُ نفيُ الاختيارِ المؤثرِ عنهم وذلك ممَّا لا ريبَ فيه . وقيل : المرادُ أنَّه ليس لأحدٍ من خلقِه أنْ يختارَ عليه ولذلك خَلا عن العاطفِ ويؤيدُه ما رُوي أنَّه نزل في قولِ الوليدِ بنِ المُغيرةِ { لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ } [ سورة الزخرف ، الآية31 ] والمعنى لا يبعثُ الله تعالى الرُّسلَ باختيارِ المرسَلِ إليهم وقيل : معناه ويختار الذي كان لهم فيه الخيرُ والصَّلاحُ { سبحان الله } أي تنزَّه بذاتِه تنزُّهاً خاصّاً به من أنْ ينازعَه أحدٌ أو يزاحم اختيارَه اختيارٌ { وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } عن إشراكِهم أو عن مشاركةِ ما يشركونَه به .