وقوله عليه السلام : { لقد ظلمت بسؤال نعجتك } أضاف الضمير إلى المفعول ، و { الخلطاء } الأشراك والمتعاقبون في الأملاك والأمور ، وهذا القول من داود وعظ وبسط لقاعدة حق ليحذر من الوقوع في خلاف الحق . وما في قوله : { وقليل ما هم } زائدة مؤكدة .
وقوله تعالى : { وظن داود } معناه : شعر للأمر وعلمه . وقالت فرقة : { ظن } هنا بمعنى أيقن .
قال القاضي أبو محمد : والظن أبداً في كلام العرب إنما حقيقته توقف بين معتقدين يغلب أحدهما على الآخر ، وتوقعه العرب على العلم الذي ليس على الحواس ولا له اليقين التام ، ولكن يخلط الناس في هذا ويقولون ظن بمعنى : أيقن ، ولسنا نجد في كلام العرب على العلم الذي ليس على الحواس شاهداً يتضمن أن يقال : رأى زيد كذا وكذا فظنه . وانظر لى قوله تبارك وتعالى في كتابه : { ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها } [ الكهف : 53 ] وإلى قول دريد بن الصمة [ الطويل ]
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج***سراتهم بالفارسي المسرد
وإلى هذه الآية : { وظن داود } فإنك تجد بينها وبين اليقين درجة ، ولو فرضنا أهل النار قد دخلوها وباشروا ، لم يقل «ظن » ولا استقام ذلك ، ولو أخبر جبريل داود بهذه الفتنة لم يعبر عنها ب «ظن » ، فإنما تعبر العرب بها عن العلم الذي يقارب اليقين وليس به ، لم يخرج بعد إلى الإحساس وقرأ جمهور الناس : «فَتنّاه » بفتح التاء وشد النون ، أي ابتليناه وامتحناه . وقرأ عمر بن الخطاب وأبو رجاء والحسن : بخلاف عنه ، «فتّنّاه » بشد التاء والنون على معنى المبالغة . وقرأ أبو عمرو في رواية علي بن نصر : «فتَنَاه » بتخفيف التاء والنون على أن الفعل للخصمين ، أي امتحناه عن أمرنا ، وهي قراءة قتادة . وقرأ الضحاك : «افتتناه » .
وقوله : { وخر } أي ألقى بنفسه نحو الأرض متضامناً متواضعاً ، والركوع والسجود : الانخفاض والترامي نحو الأرض ، وخصصتها الشرائع على هيئات معلوم . وقال قوم يقال : «خر » ، لمن ركع وإن كان لم ينته إلى الأرض .
وقال الحسن بن الفضل ، والمعنى : خر من ركوعه ، أي سجد بعد أن كان راكعاً . وقال أبو سعيد الخدري : رأيتني في النوم وأنا أكتب سورة : { ص } فلما بلغت هذه الآية سجد القلم ، ورأيتني في منام آخر وشجرة تقرأ : { ص } فلما بلغت هذا سجدت ، وقالت : اللهم اكتب لي بها أجراً ، وحط عني بها وزراً ، وارزقني بها شكراً ، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وسجدت أنت يا أبا سعيد ؟ قلت لا ، قال : أنت كنت أحق بالسجدة من الشجرة » ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات حتى بلغ : { وأناب } ، فسجد ، وقال كما قالت الشجرة . { وأناب } معناه : رجع وتاب ، ويروى عن مجاهد أن داود عليه السلام بقي في ركعته تلك لاصقاً بالأرض يبكي ويدعو أربعين صباحاً حتى نبت العشب من دمعه ، وروي غير هذا مما لا تثبت صحته . وروي أنه لما غفر الله له أمر المرأة ، قال : يا رب فكيف لي بدم زوجها إذا جاء يطلبني يوم القيامة ، فأوحى الله إليه أني سأستوهبه ذلك يا داود ، وأجعله أن يهبه راضياً بذلك ، فحينئذ سر داود عليه السلام واستقرت نفسه ، وروي عن عطاء الخراساني ومجاهد أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه فكان يراها دائماً ويعرضها على الناس في كل حين من خطبه وكلامه وإشاراته وتصرفه تواضعاً لله عز وجل وإقراراً ، وكان يسيح في الأرض ويصيح : إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها ، وإذا ذكرت رحمتك ارتد إلي روحي ، سبحانك ، إلهي أتيت أطباء الدين يداووا علتي ، فكلهم عليك دلني . وكان يدخل في صدر خطبته الاستغفار للخاطئين ، وما رفع رأسه إلى السماء بعد خطيئته حياء صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء المرسلين .
{ قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم } .
فحكم داود بأن سؤال الأخ أخاه نعجته ظلم لأن السائل في غنى عنها والمسؤول ليس له غيرها فرغبة السائل فيما بيد أخيه من فرط الحرص على المال واجتلاب النفع للنفس بدون اكتراث بنفع الآخر . وهذا ليس من شأن التحابّ بين الأخوين والإِنصاف منهما فهو ظلم وما كان من الحق أن يسأله ذلك أعطاه أو منعه ، ولأنه تطاول عليه في الخطاب ولامه على عدم سماح نفسه بالنعجة ، وهذا ظلم أيضاً .
والإِضافة في قوله : { بسؤال نعجتِكَ } للتعريف ، أي هذا السؤال الخاص المتعلق بنعجة معروفة ، أي هذا السؤال بحذافره مشتمل على ظلم ، وإضافة سؤال من إضافة المصدر إلى مفعوله . وتعليق { إلى نعاجه } ب« سؤال » تعليق على وجه تضمين « سؤال » معنى الضم ، كأنه قيل : بطلب ضم نعجتك إلى نعاجه .
فهذا جواب قولهما : { فاحكم بيننا بالحق ولا تُشطط } ثم أعقبه بجواب قولهما : { واهدنا إلى سواءِ الصراط } إذ قال : { وإنَّ كثيراً من الخُلطاءِ ليبغي بعضهم على بعضٍ إلاَّ الذين ءَامنوا وعَمِلوا الصَّالحاتِ } المفيد أن بَغْي أحد المتعاشرين على عشيره متفشَ بين الناس غير الصالحين من المؤمنين ، وهو كناية عن أمرهما بأن يكونا من المؤمنين الصالحين وأن ما فعله أحدهما ليس من شأن الصالحين .
وذِكر غالب أحوال الخلطاء أراد به الموعظة لهما بعد القضاء بينهما على عادة أهل الخير من انتهاز فرص الهداية فأراد داود عليه السلام أن يرغبهما في إيثار عادة الخلطاء الصالحين وأن يكرّه إليهما الظلم والاعتداء . ويستفاد من المقام أنه يَأسف لحالهما ، وأنه أراد تسلية المظلوم عما جرى عليه من خليطه ، وأن له أسوة في أكثر الخلطاء .
وفي تذييل كلامه بقوله : { وقليلٌ ما هُم } حثّ لهما أن يكونا من الصالحين لما هو متقرر في النفوس من نفاسة كل شيء قليل ، قال تعالى : { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرةُ الخبيث } [ المائدة : 100 ] . والسبب في ذلك من جانب الحكمة أن الدواعي إلى لذات الدنيا كثيرة والمشي مع الهوى محبوب ومجاهدة النفس عزيزة الوقوع ، فالإِنسان محفوف بجواذب السيئات ، وأمّا دواعي الحق والكمال فهو الدين والحكمة ، وفي أسباب الكمال إعراض عن محركات الشهوات ، وهو إعراض عسير لا يسلكه إلا من سما بدينه وهمته إلى الشرف النفساني وأعرض عن الداعي الشهواني ، فذلك هو العلة في هذا الحكم بالقلة .
وزيادة { ما } بَعد { قليل } لقصد الإِبهام كما تقدم آنفاً في قوله : { جند ما هنالك } [ ص : 11 ] ، وفي هذا الإِبهام إيذان بالتعجب من ذلك بمعونة السياق والمقام كما أفادت زيادتها في قول امرىء القيس :
وحديث الركب يوم هُنا *** وحديث مَّا على قِصره
وقد اختلف المفسرون في ماهية هاذين الخصمين ، فقال السديّ والحسن ووهب بن مُنبّه : كانا ملَكَيْن أرسلهما الله في صورة رجلين لداود عليه السلام لإِبلاغ هذا المثل إليه عتاباً له . ورواه الطبري عن أنس مرفوعاً . وقيل كانا أخوين شقيقين من بني إسرائيل ، أي ألهمهما الله إيقاع هذا الوعظ .
واعلم أن سوق هذا النبأ عقب التنويه بداود عليه السلام ليس إلا تتميماً للتنويه به لدفع مَا قد يُتوهم أنه ينقض ما ذكر من فضائله مما جاء في كتاب « صمويل الثاني » من كتب اليهود في ذكر هذه القصة من أغلاط باطلة تنافي مقام النبوءة فأريد بيان المقدار الصادق منها وتذييله بأن ما صدر عن داود عليه السلام يستوجب العتاب ولا يقتضي العقاب ولذلك ختمت بقوله تعالى : { وإن له عندنا لزُلفى وحُسن مئابٍ } [ ص : 40 ] . وبهذا تعلم أن ليس لهذا النبأ تعلق بالمقصد الذي سيق لأجله ذكر داود ومن عطف عليه من الأنبياء .
وهذا النبأ الذي تضمنته الآية يُشير به إلى قصة تزوج داود عليه السلام زوجة ( أُوريا الحثّي ) من رجال جيشه وكان داود رآها فمال إليها ورام تزوجها فسأله أن يتنازل له عنها وكان في شريعتهم مباحاً أن الرجل يتنازل عن زوجه إلى غيره لصداقة بينهما فيطلقها ويتزوجها الآخر بعد مضيّ عدتها وتحقق براءة رحمها كما كان ذلك في صدر الإِسلام . وخرج أُوريا في غزو مدينة ( رَبة ) للعمونيّين وقيل في غزو عَمَّان قصبة البلقاء من فلسطين فقُتل في الحرب وكان اسم المرأة ( بثشبع بنت اليعام وهي أم سليمان ) . وحكى القرآن القصة اكتفاء بأن نبأ الخصمين يشعر بها لأن العبرة بما أعقبه نبأ الخصمين في نفس داود فعتب الله على داود أن استعمل لنفسه هذا المباح فعاتبه بهذا المثل المشخص ، أرسل إليه ملكين نزلا من أعلى سور المحراب في صورة خصمين وقصّا عليه القصة وطلبا حكمه وهديه فحكم بينهما وهداهما بما تقدم تفسيره لتكون تلك الصورة عظة له ويشعر أنه كان الأليق بمقامه أن لا يتناول هذا الزواج وإن كان مباحاً لما فيه من إيثار نفسه بما هو لغيره ولو بوجه مباح لأن الشعور بحسن الفعل أو قبحه قد لا يحصل عليه حين يفعله فإذا رأى أو سمع أن واحداً عمله شعر بوصفه .
ووقع في سفر « صمويل الثاني » من كتب اليهود سوق هذه القصة على الخلاف هذا .
وليس في قول الخصمين : { هذا أخِي } ولا في فرضهما الخصومة التي هي غير واقعة ارتكابُ الكذب لأن هذا من الأخبار المخالفة للواقع التي لا يريد المخبِر بها أن يظن المخبَر ( بالفتح ) وقوعَها إلاّ ريثما يحصل الغرض من العبرة بها ثم ينكشف له باطنها فيعلم أنها لم تقع . وما يجري في خلالها من الأوصاف والنسب غير الواقعة فإنما هو على سبيل الفرض والتقدير وعلى نية المشابهة .
وفي هذا دليل شرعي على جواز وضع القِصص التمثيلية التي يقصد منها التربية والموعظة ولا يتحمل واضعها جرحة الكذب خلافاً للذين نبزوا الحريري بالكَذب في وضع « المقامات » كما أشار هو إليه في ديباجتها . وفيها دليل شرعي لجواز تمثيل تلك القصص بالأجسام والذوات إذا لم تخالف الشريعة ، ومنه تمثيل الروايات والقصص في ديار التمثيل ، فإن ما يجري في شرع من قبلنا يصلح دليلاً لنا في شرعنا إذا حكاه القرآن أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد في شرعنا ما ينسخه .
وأخذ من الآية مشروعية القضاء في المسجد ، قالوا : وليس في القرآن ما يدل على ذلك سوى هذه الآية بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا حكاه الكتاب أو السنة . وقد حكيت هذه القصة في سفر « صمويل الثاني » في الإِصحاح الحادي عشر على خلاف ما في القرآن وعلى خلاف ما تقتضيه العصمة لنبوءة داود عليه السلام فاحذروه .
والذي في القرآن هو الحق ، والمنتظم مع المعتاد وهو المهيمن عليه ، ولو حكي ذلك بخبر آحاد في المسلمين لوجب ردُّه والجزم بوضعه لمعارضته المقطوع به من عصمة الأنبياء من الكبائر عند جميع أهل السنة ومن الصغائر عند المحققين منهم وهو المختار .
{ وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب }
أي علم داود بعد انتهاء الخصومة أن الله جعلها له فتنة ليشعره بحال فعلته مع ( أُوريا ) وقد أشعره بذلك ما دلّه عليه انصراف الخصمين بصورة غير معتادة ، فعلم أنهما ملَكان وأن الخصومة صورية فعلم أن الله بعثهما إليه عَتْباً له على متابعة نفسه زوجةَ ( أوريا ) وطلبه التنازل عنها . وعبر عن علمه ذلك بالظن لأنه علم نظري اكتسبه بالتوسم في حال الحادثة وكثيراً ما يعبر عن العلم النظري بالظن لمشابهته الظن من حيث إنه لا يخلو من تردد في أول النظر .
و { أنما } مفتوحة الهمزة أخت ( إنما ) تفيد الحصر ، أي ظنّ أن الخصومة ليست إلاّ فتنة له ، أو ظن أن ما صدر منه في تزوج امرأة أوريا ليس إلا فتنة . ومعنى { فتنَّاهُ } قدّرنا له فتنة ، فيجوز أن تكون الفتنة بالمعنى المشهور في تدبير الحيلة لقتل ( أوريا ) فعبر عنها بالفتنة لأنها أورثت داود مخالفةً للأليق به من صرف نفسه عن شيء غيره ، وعدم متابعته ميله النفساني وإن كان في دائرة المباح في دينهم ، فيكون المعنى : وعلم أن ما صدر منه فتنة من النفس . وإنما علم ذلك بعد أن أحسّ من نفسه كراهية مثلها مما صوره له الخصمان .
ويجوز أن يكون الفتن بمعنى الابتلاء والاختبار ، كقوله تعالى لموسى : { وفتناك فتوناً } [ طه : 40 ] ، أي ظن أنا اختبرنا زكانته بإرسال الملكين ، يصور أن له صورةً شبيهةً بفعله ففطن أن ما فعله أمر غير لائق به . وتفريع { فاستغفر ربَّهُ } على ذلك الظنّ ظاهر على كلا الاحتمالين ، أي لما علم ذلك طلب الغفران من ربه لِما صنع .
وخرّ خروراً : سقط ، وقد تقدم في قوله تعالى : { فخر عليهم السقف من فوقهم في سورة } [ النحل : 26 ] .
والركوع : الانحناء بقصد التعظيم دون وصول إلى الأرض قال تعالى : { تراهم ركعاً سجداً } [ الفتح : 29 ] ، فذكر شيئين . قالوا : لم يكن لبني إسرائيل سجود على الأرض وكان لهم الركوع ، وعليه فتقييد فعل { خرّ } بحال { رَاكِعاً } تمَجَّز في فعل { خرّ } بعلاقة المشابهة تنبيهاً على شدة الانحناء حتى قارب الخرور . ومن قال : كان لهم السجود جعل إطلاق الرجوع عليه مجازاً بعلاقة الإِطلاق . وقال ابن العربي : لا خلاف في أن الركوع هاهنا السجود ، قلت : الخلافُ موجود .
والمعروف أنه ليس لبني إسرائيل سجود بالجبهة على الأرض ، ويحتمل أن يكون السجود عبادة الأنبياء كشأن كثير من شرائع الإِسلام كانت خاصة بالأنبياء من قبل كما تقدم في قوله تعالى : { فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } [ البقرة : 132 ] ، وتقدم قوله تعالى : { وخروا له سجداً } في سورة [ يوسف : 100 ] . وكان ركوع داود عليه السلام تضرعاً لله تعالى ليقبل استغفاره .
والإِنابة : التوبة : يقال : أناب ، ويقال : نَاب . وتقدم عند قوله تعالى : { إن إبراهيم لحليم أوّاه منيب } في سورة [ هود : 75 ] . وعند قوله : { منيبين إليه } في سورة [ الروم : 31 ] .
وهنا موضع سجدة من سجود القرآن من العزائم عند مالك لثبوت سجود النبي صلى الله عليه وسلم عندها . ففي « صحيح البخاري » عن مجاهد « سألتُ ابن عباس عن السجدة في ص فقال : أوَ ما تقرأ { ومن ذريته داود وسليمان } [ الأنعام : 84 ] إلى قوله : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } [ الأنعام : 90 ] فكان داود ممن أُمر نبيئكم أن يقتدِيَ به فسجدها داود فسجدها رسول الله » . وفي « سنن أبي داود » عن ابن عباس « ليس ص من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها » . وفيه عن أبي سعيد الخُدْري قال : « قرأ رسول الله وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ الناس للسجود ( أي تهيّأَوا وتحركوا لأجله ) فقال رسول الله : إنما هي توبة نبيء ولكني رأيتكم تشزَّنْتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا » ، وقول أبي حنيفة فيها مثل قول مالك ولم يرَ الشافعي سجوداً في هذه الآية إمَّا لأجل قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما هي توبة نبيء " فرجع أمرُها إلى أنها شرْعُ من قبلنا ، والشافعي لا يرى شرع من قبلنا دليلاً .
ووجه السجود فيها عند من رآه أن ركوع داود هو سجود شريعتهم فلما اقتدى به النبي صلى الله عليه وسلم أتى في اقتدائه بما يساوي الركوع في شريعة الإِسلام وهو السجود . وقال أبو حنيفة : الركوع يقوم مقام سجود التلاوة أخذاً من هذه الآية .