تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (184)

ثم بين حكم الصيام على ما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام ، فقال : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } أي : المريض والمسافر لا يصومان في حال المرض والسفر ؛ لما في ذلك من المشقة عليهما ، بل يفطران ويقضيان بعدة ذلك من أيام أخر . وأما الصحيح المقيم الذي يُطيق الصيام ، فقد كان مخيَّرًا بين الصيام وبين الإطعام ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ، وأطعم عن كل يوم مسكينا ، فإن أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم ، فهو خير ، وإن صام فهو أفضل من الإطعام ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، ومجاهد ، وطاوس ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم من السلف ؛ ولهذا قال تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر ، حدثنا المسعودي ، حدثنا عمرو بن مُرّة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل ، رضي الله عنه ، قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال ، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال ؛ فأما أحوال الصلاة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ، وهو يصلي{[9]} سبعة عشر شهرا إلى بيت المقدس ، ثم إن الله عز وجل أنزل عليه : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } [ البقرة : 144 ] فوجهَهُ اللهُ إلى مكة . هذا حول .

قال : وكانوا يجتمعون للصلاة ويُؤْذِنُ بها بعضهم بعضا حتى نَقَسُوا أو كادوا يَنْقُسُون . ثم إنّ رجلا من الأنصار ، يقال له : عبد الله بن زيد ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني رأيت فيما يرى النائم - ولو قلتُ : إني لم أكن نائمًا لصدقتُ - أني {[10]}بينا أنا بين النائم واليقظان إذْ رأيت شخصًا عليه ثوبان أخضران ، فاستقبل القبلة ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله - مثنى حتى فرغ من الأذان ، ثم أمهل ساعة ، ثم قال مثل الذي قال ، غير أنه يزيد في ذلك : قد قامت الصلاة - مرتين - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علمها بلالا فَلْيؤذن بها " . فكان بلال أول من أذن بها . قال : وجاء عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فقال : يا رسول الله ، [ إنه ]{[11]} قد طاف بي مثل الذي طاف به ، غير أنه سبقني ، فهذان حالان{[12]} .

قال : وكانوا يأتون الصلاة - قد سبقهم النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ببعضها ، فكان الرجل يشير إلى الرجل إذًا كم صلى ، فيقول : واحدة أو اثنتين ، فيصليهما ، ثم يدخل مع القوم في صلاتهم . قال : فجاء معاذ فقال : لا أجده على حال أبدًا إلا كنتُ عليها ، ثم قضيتُ ما سبقني . قال : فجاء وقد سَبَقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها ، قال : فثَبَتَ معه ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقضى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه قَد سن لكم مُعَاذ ، فهكذا فاصنعوا " . فهذه ثلاثة أحوال{[13]} .

وأما أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ، فجعل يصومُ من كل شهر ثلاثة أيام ، وصام عاشوراء ، ثم إن الله فرض عليه الصيام ، وأنزل الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } إلى قوله : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } فكان مَنْ شاء صام ، ومن شاء أطعم مسكينًا ، فأجزأ ذلك عنه . ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } إلى قوله : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فأثبت اللهُ صيامَه على المقيم الصحيح{[14]} ورخَّصَ فيه للمريض والمسافر ، وثبت الإطعامُ للكبير{[15]} الذي لا يستطيع الصيام ، فهذان حالان{[16]} .

قال : وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا امتنعوا ، ثم إن رجلا من الأنصار يقال له : صرمة ، كان يعمل صائمًا حتى أمسى ، فجاء إلى أهله فصلى العشاء ، ثم نام فلم يأكل ولم يشرب ، حتى أصبح فأصبح صائما ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جهد جهدًا شديدًا ، فقال : ما لي أراك قد جَهِدْت جهدًا شديدا ؟ قال : يا رسول الله ، إني عملت أمس فجئتُ حين جئتُ فألقيتُ نفسي فنمت فأصبحت حين أصبحت صائمًا . قال : وكان عمر قد أصاب من النساء بعد ما نام ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فأنزل الله عز وجل : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } إلى قوله : { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }

وأخرجه أبو داود في سننه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث المسعودي ، به{[17]} .

وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أنها قالت : كان عاشوراء يصام ، فلما نزل فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر{[18]} . وروى البخاري عن ابن عمر وابن مسعود ، مثله{[19]} .

وقوله : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } كما قال معاذ : كان{[20]} في ابتداء الأمر : من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا . وهكذا روى البخاري عن سَلَمة بن الأكوع أنه قال : لما نزلت : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } كان من أراد أن يُفْطر يفتدي ، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها{[21]} .

وروي أيضًا من حديث عبيد الله{[22]} عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : هي منسوخة .

وقال السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ، قال : لما نزلت هذه الآية : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } قال : يقول : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أي : يتجشمونه ، قال عبد الله : فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا { فَمَنْ تَطَوَّعَ } قال : يقول : أطعم مسكينا آخر { فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } فكانوا كذلك حتى نسختها : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }

وقال البخاري أيضًا : حدثنا إسحاق ، أخبرنا روح ، حدثنا زكريا بن إسحاق ، حدثنا عَمْرو بن دينار ، عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ : " وعلى الذين يُطَوَّقُونه فدية طعام مسكين " . قال ابن عباس : ليست منسوخة ، هو للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا{[23]} .

وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، نحوه .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الرحيم ، عن أشعث بن سوار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس [ قال ]{[24]} نزلت هذه الآية : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم ثم ضعف ، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينًا .

وقال الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويه : حدثنا محمد بن أحمد ، حدثنا الحسين بن محمد بن بِهْرام المحرمي ، حدثنا وهب بن بَقِيَّة ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن ابن أبي ليلى ، قال : دخلت على عطاء في رمضان ، وهو يأكل ، فقال : قال ابن عباس : نزلت هذه الآية : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا ، ثم نزلت هذه الآية فنسخت الأولى ، إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينًا وأفطر . فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه ، بقوله : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } وأما الشيخ الفاني [ الهرم ] {[25]}الذي لا يستطيع الصيام فله أن يفطر ولا قضاء عليه ، لأنه ليست له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء ، ولكن هل يجب عليه [ إذا أفطر ]{[26]} أن يطعم عن{[27]} كل يوم مسكينًا إذا كان ذا جِدة ؟ فيه قولان للعلماء ، أحدهما : لا يجب عليه إطعام ؛ لأنه ضعيف عنه لسنّه ، فلم يجب عليه فدية كالصبي ؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها ، وهو أحد قولي الشافعي . والثاني - وهو الصحيح ، وعليه أكثر العلماء - : أنه يجب عليه فدية عن كل يوم ، كما فسره ابن عباس وغيره من السلف على قراءة من قرأ : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أي : يتجشمونه ، كما قاله ابن مسعود وغيره ، وهو اختيار البخاري فإنه قال : وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام ، فقد أطعم أنس - بعد أن{[28]} كبر عامًا أو عامين - كل يوم مسكينًا خبزًا ولحما ، وأفطر{[29]} .

وهذا الذي علقه البخاري قد أسنده الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده ، فقال : حدثنا عُبَيد الله بن مُعَاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا عمران ، عن أيوب بن أبي تميمة{[30]} قال : ضعف أنس [ بن مالك ]{[31]} عن الصوم ، فصنع جفنة من ثريد ، فدعا ثلاثيِن مسكينًا فأطعمهم{[32]} .

ورواه عبد بن حميد ، عن روح بن عبادة ، عن عمران - وهو ابن حُدَير{[33]} - عن أيوب ، به .

ورواه عبد أيضًا ، من حديث ستة من أصحاب أنس ، عن أنس - بمعناه .

ومما يلتحق بهذا المعنى : الحامل والمرضع ، إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما ، ففيهما خلاف كثير بين العلماء ، فمنهم من قال : يفطران ويفديان ويقضيان . وقيل : يفديان فقط ، ولا قضاء . وقيل : يجب القضاء بلا فدية . وقيل : يفطران ، ولا فدية ولا قضاء . وقد بسطنا هذه المسألة مستقصاة في كتاب الصيام الذي أفردناه{[34]} . ولله الحمد والمنة .


[9]:في د: "اللهم إني أعوذ بك".
[10]:في د: "لا يحتسبون".
[11]:في د: "وجلس".
[12]:في د: "فإذا هو بسمكة".
[13]:في د: "الغالبة".
[14]:في د: "وضربوهما".
[15]:في ف، أ: "زاكية".
[16]:في ف: "قد بلغت مني" وهو خطأ.
[17]:في إسناده عاصم وقد تكلم فيه وشيخه مجهول. ورواه البخاري في صحيحه برقم (4569) ومسلم في صحيحه برقم (763) من طريق كريب عن ابن عباس بنحوه.
[18]:صحيح البخاري برقم (4725).
[19]:في جـ، ر، أ، و: "بيضاء".
[20]:في ت، ف، أ: "فذكره بنحوه".
[21]:في ت، ف، أ: "عن".
[22]:في ت: "قال: فأصاب".
[23]:في أ: "وسباق".
[24]:صحيح البخاري برقم (4727).
[25]:في أ: "فقال وقال".
[26]:في ت: "هل على الأرض"، وفي ف: "هل في الناس".
[27]:في ت: "فبينما".
[28]:في ف، أ: "يريان".
[29]:في و: "طريق أخرى: قال عبد بن حميد في تفسيره: أنبأنا".
[30]:زيادة من ف، أ، والبخاري.
[31]:في ف، أ: "قال لى".
[32]:في ت: "كبده".
[33]:في أ: "أما يكفيك"، وفي ت: "ألا تكفيك.
[34]:في ف: "أما يكفيك أن التوراة".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (184)

{ أياما معدودات } مؤقتات بعدد معلوم ، أو قلائل . فإن القليل من المال يعد عدا والكثير يهال هيلا ، ونصبها ليس بالصيام لوقوع الفصل بينهما ، بل بإضمار صوموا لدلالة الصيام عليه ، والمراد به رمضان أو ما وجب صومه قبل وجوبه ونسخ به ، وهو عاشوراء أو ثلاثة أيام من كل شهر ، أو ب " كما كتب " على الظرفية ، أو على أنه مفعول ثان ل{ كتب عليكم } على السعة . وقيل معناه صومكم كصومهم في عدد الأيام ، لما روي : أن رمضان كتب على النصارى ، فوقع في برد أو حر شديد فحولوه إلى الربيع وزادوا عليه عشرين كفارة لتحويله . وقيل زادوا ذلك لموتان أصابهم . { فمن كان منكم مريضا } مرضا يضره الصوم أو يعسر معه . { أو على سفر } أو راكب سفر ، وفيه إيماء إلى أن من سافر أثناء اليوم لم يفطر . { فعدة من أيام أخر } أي فعليه صوم عدد أيام المرض ، أو السفر من أيام أخر إن أفطر ، فحذف الشرط والمضاف والمضاف إليه للعلم بها . وقرئ بالنصب أي فليصم عدة ، وهذا على سبيل الرخصة . وقيل على الوجوب وإليه ذهب الظاهرية وبه قال أبو هريرة رضي الله عنه { وعلى الذين يطيقونه } وعلى المطيقين للصيام إن أفطروا . { فدية طعام مسكين } نصف صاع من بر أو صاع من غيره عند فقهاء العراق ، ومد عند فقهاء الحجاز . رخص لهم في ذلك أول الأمر لما أمروا بالصوم فاشتد عليهم لأنهم لم يتعودوه ، ثم نسخ . وقرأ نافع وابن عامر برواية ابن ذكوان بإضافة الفدية إلى الطعام وجمع " المساكين " . وقرأ ابن عامر برواية هشام " مساكين " بغير إضافة الفدية إلى الطعام ، والباقون بغير إضافة وتوحيد مسكين ، وقرئ " يطوقونه " أي يكلفونه ويقلدونه في الطوق بمعنى الطاقة أو القلادة ويتطوقونه أي يتكلفونه ، أو يتقلدونه ويطوقونه بالإدغام ، و " يطيقونه " و " يطيقونه " على أن أصلهما يطيقونه من فيعل وتفيعل بمعنى يطوقونه ويتطوقونه ، وعلى هذه القراءات يحتمل معنى ثانيا وه والرخصة لمن يتعبه الصوم ويجهده وهم الشيوخ والعجائز- في الإفطار والفدية ، فيكون ثابتا وقد أول به القراءة المشهورة ، أي يصومونه جهدهم وطاقتهم . { فمن تطوع خيرا } فزاد في الفدية . { فهو } فالتطوع أو الخير . { خير له وأن تصوموا } أيها المطيقون ، أو المطوقون وجهدتم طاقتكم . أو المرخصون في الإفطار ليندرج تحته المريض والمسافر . { خير لكم } من الفدية أو تطوع الخير أو منهما ومن التأخير للقضاء . { إن كنتم تعلمون } ما في الصوم من الفضيلة وبراءة الذمة ، وجوابه محذوف دل عليه ما قبله أي اخترتموه . وقيل معناه إن كنتم من أهل العلم والتدبر علمتم أن الصوم خير لكم من ذلك .