{ أَيَّامًا معدودات } مؤقتاتٍ بعدد معلومٍ أو قلائلَ ، فإن القليلَ من المال يُعدّ عداً والكثير يُهال هَيْلاً ، والمرادُ بها إما رمضانُ أو ما وجب في بدء الإسلام ثم نُسخ به من صوم عاشوراءَ وثلاثةِ أيامٍ من كل شهر ، وانتصابُه ليس بالصيام كما قيل لوقوع الفصلِ بينهما بأجنبي ، بل بمضمرٍ دل هو عليه ، أعني صوموا إما على الظرفية أو المفعولية اتساعاً . وقيل : بقوله تعالى : { كُتب } على أحد الوجهين وفيه أن الأيامَ ليست محلاً له بل للمكتوب ، فلا تتحققُ الظرفيةُ ولا المفعولية المتفرِّعةُ عليها اتساعاً . { فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا } أي مرَضاً يضُره الصومُ أو يعسُر معه { أَوْ على سَفَرٍ } مستمرّين عليه ، وفيه تلويحٌ ورمزٌ إلى أن من سافر في أثناء اليوم لم يُفطر { فَعِدَّةٌ } أي فعليه صومُ عدةِ أيامِ المرضِ والسفر { مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } إن أفطر ، فحُذِفَ الشرطُ والمضافُ ثقةً بالظهور ، وقرئ بالنصب ، أي فليصُم عِدةً ، وهذا على سبيل الرخصة . وقيل : على وجوب ، وإليه ذهب الظاهرية ، وبه قال أبو هريرة رضي الله عنه { وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ } أي وعلى المُطيقين للصيام إن أفطروا { فِدْيَةٌ } أي إعطاءَ فديةٍ وهي { طَعَامُ مسكين } وهو نصفُ صاعٍ من بُرِّ أو صاعٌ من غيره عند أهل العراق ، ومُدٌّ عند أهل الحجاز ، وكان ذلك في بدء الإسلامِ لما أنه قد فُرض عليهم الصومُ وما كانوا متعوِّدين له فاشتد عليهم فرُخِّص لهم في الإفطار والفِدية ، وقرئ يطوقونه أي يكلَّفونه أو يُقلَّدونه ويتطوَّقونه ويطَّوَقونه بإدغام التاء في الطاء ، ويَطَّيّقونه ويطوقونه بمعنى يتطيقونه ، وأصلهما يطَّيْوَقونه ويتطوَّقونه من فيعل وتفيعل من الطوْق ، فأُدغمت الياء في الواو بعد قلبها ياء كقولهم : تدبّر المكان وما بها ديّار ، وفيه وجهان أحدُهما نحوُ معنى يُطيقونه والثاني يكلَّفونه أو يَتَكلفونه على جهدٍ منهم وعُسر وهم الشيوخُ والعجائزُ وحكمُ هؤلاءِ الإفطارُ والفديةُ وهو حينئذ غيرُ منسوخٍ ، ويجوز أن يكون هذا معنى يطيقونه أو يصومونه جهدَهم وطاقتَهم ومبلغَ وسعهم { فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا } فزاد في الفدية { فَهُوَ } أي التطوُّعُ أو الخيرُ الذي تطوَّعه { خَيْرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُواْ } أيها المُطيقون أو المُطوِّقون وتحمِلوا على أنفسكم وتجهَدوا طاقتَكم أو المرَخَّصون في الإفطار من المرضى والمسافرين { خَيْرٌ لَكُمْ } من الفدية أو من تطوُّعَ الخير أو منهما أو من التأخير إلى أيام أُخَرَ ، والالتفاتُ إلى الخطاب للهز والتنشيط { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي ما في صومِكم مع تحقّق المبيحِ للإفطار من الفضيلة ، والجوابُ محذوفٌ ثقةً بظهوره أي اخترتموه أو سارعتم إليه ، وقيل : معناه إن كنتم من أهلِ العلمِ والتدبُّر علمتم أن الصومَ خيرٌ من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.