اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (184)

في نصب أيَّاماً أربعة أوجه :

أظهرها : أنَّهُ مَنصُوب بعاملٍ مقدَّرٍ يدُلُّ عليه سياقُ الكلام ، تقديره صُومُوا أيَّاماً ويحتملُ النَّصب وجهين : إما الظرفيَّة ، وإما المفعول به ، اتِّساعاً .

الثاني : أنَّه منصوبٌ بالصيام ، ولم يذكر الزّمخشري غيره ؛ وَنَظَّره بقولك " نَوَيْتُ الخُرُوجَ يَوْمَ الجُمُعَةِ " ، وهذا ليس بشيءٍ ؛ لأَنَّهُ يَلْزَمُ الفصل بيْن المصدر ومعمُوله بأجنبيٍّ ، وهو قوله " كَمَا كُتبَ " ؛ لأَنَّهُ ليس معمولاً للمصدر على أيِّ تقدير قدَّرته .

فإن قيل : يُجعلَ " كَمَا كُتِبَ " صفةً للصّيام ، وذلك على رأي من يجيزُ وصف المعرَّف " بأَل " الجنسيَّة بما يجرى مجرَى النَّكرة ، فلا يكُونُ أجنبيّاً .

قيل : يلزمُ مِنْ ذلك وصفُ المصدر قَبل ذكر معموله ، وهو ممتنعٌ .

الثالث : أنه منصوبٌ بالصِّيامِ على أنْ تقدَّر الكافُ نعتاً لمصدر من الصِّيام ؛ كما قد قال به بعضُهُمْ وإن كان ضعيفاً ؛ فيكون التَّقدير : " الصِّيَامُ صَوْمَاً ؛ كَمَا كُتِبَ " ؛ فجاز أن يعمل في " أَيَّاماً " " الصِّيَامُ " ؛ لأنه إذْ ذاك عاملٌ في " صوماً " الذي هو موصوفٌ ب " كمَا كُتِبَ " ، فلا يقع الفصلُ بينهما بأجنبيٍّ ، بل بمعمول المصدر .

الرابع : أن ينتصب ب " كُتِبَ " إِمَّا على الظَّرف ، وإمَّا على المَفعُول به تَوَسُّعاً ، وإليه نحا الفرَّاء{[2540]} ، وتبعه على ذلك أبو البَقَاء{[2541]} .

قال أبو حيَّان{[2542]} : وكلا القَولين خطأٌ : أَمَّا النَّصب على الظرفيَّة ، فإِنَّهُ محلٌّ للفعلِ ، والكِتابة لَيْسَت واقعةً في الأيَّام ، لكنَّ متعلَّقها هو الواقع في الأَيّام ، وأَمَّا [ النَّصب على المفعول اتساعاً ، فإِنَّ ذلك مبنيٌّ على كونه ظرفاً ل " كُتِبَ " ، وقد تقدَّم أَنَّهُ خطأٌ ، وقيل : نصبٌ على ]{[2543]} التَّفسير .

و " مَعْدُودَاتٍ " صفةٌ ، وجمعُ صفةِ ما لا يعقل بالألف والتَّاء مطَّردٌ ؛ نحو هذا ، وقوله : " جِبَالٌ راسِيَاتٌ " ، و " أَيَّامٌ مَعلومات " .

فصل في اختلافهم في المراد بالأيَّام

اختلفوا في هذه الأيام على قولين :

أحدهما : أنها غير رمضان ، قاله معاذ ، وقتادة ، وعطاء ، ورواه عن ابن عبَّاس ، ثم اختلفَ هؤلاءِ : فقيل ثلاثة أيَّامٍ من كلِّ شهر{[2544]} ، وصوم يوم عاشُوراء ، قاله قتادة ، ثُمَّ اختلفوا أيضاً : هل كان تَطوعاً أو مَرضاً ، واتفقُوا على أنَّه منسوخٌ برمضان .

واحتجُّ القائلُونَ بأنَّ المراد بهذه الأيَّام غيرُ رمضانَ بوجوه :

أحدها : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ صَوْمَ رَمَضَان نَسَخَ كُلَّ صَوْمٍ {[2545]} " فدلّ هذا على أنَّ قبل رمضان كان صوماً آخر واجباً .

وثانيها : أنَّه تعالى ذكر حُكم المريض والمُسافر في هذه الآية ، ثم ذكر حكمها أيضاً في الآيَة الَّتي بعدها الدالَّة على صوم رمضان ، فلو كان هذا الصَّوم هو صومَ رمضان ، لكان ذلك تكريراً محضاً مِنْ غير فائدة ، وهو لا يجوز .

وثالثها : قوله تعالى هنا { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ } [ البقرة : 184 ] تدلُّ على أنَّ هذا واجبٌ على التخيير ، إن شاء صام ، وَإِنْ شاء أعطى الفدية ، وأَما صوم رمضان ، فواجبٌ على العيين ؛ فوجبَ أن يكون صَومُ هذه الأيام غير صوم رمضان .

القول الثاني وهو اختيارُ المحقِّقين ، وبه قال ابنُ عبَّاس ، والحسن ، وأبو مُسلم أن المراد بهذه الأيَّام المعدُواتِ هو صومُ رمضان ، لأَنَّهُ قال في أوَّل الآية الكريمة : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } وهذا محتملٌ ليوم ويومين ، وأيَّام ، ثم بينه بقوله : " أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ " فزال بعضُ الاحتمال ، ثم بَيَّنه بقوله : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }

[ البقرة : 185 ] فعلى هذا التَّرتيب يمكنُ أَنْ نجعل الأيَّام المعدوداتِ بعينها صومَ رمضان ، وإذا أمكن ذلك ، فلا وجه لحمله على غيره وإثبات النَّسخ فيه ؛ لأنَّ كل ذلك زيادةٌ لا يدلُّ عليها اللَّفظُ ، وأَمَّا تمسُّكهم بقوله - عليه الصَّلاة والسَّلام - " صَوْمُ رَمَضَانَ نَسَخَ كُلَّ صَوْمٍ " ، فليس فيه أَنَّه نَسَخَ عنه ، وعن أُمَّته كلَّ صوْمٍ ، بل يجوز أَنَّه نَسَخَ كلَّ صوم وجَبَ في الشّرائع المتقدِّمة ؛ فكما يصحُّ أن يكون بعض شرعه ناسخاً للبعض ، فيجوز أن يكون شَرْعهُ ناسخاً لشَرع غيره .

سلَّمنا أَنَّ صومَ رمضان نسخ صوماً ثبت في شرعه ، فلِمَ لا يجوز أن يكونَ نسخ صوماً وجب غَيْرَ هذه الأيام .

وأمَّا تمسُّكُهم بحكم المريضِ والمُسَافر وتكَرُّرِه فجوابُه : أَنَّ صوم رمضان كان في ابتداءِ الإسلام غير واجِبٍ ، وكان التَّخيير فيه ثابتاً بين الصِّيام والفدية ، فلمَّا رُخصَ للمسَافر الفطرُ ، كان من الجائز أَنْ يصير الواجبُ عليه الفدية ، ويجوز أَنْ لا فديَة علَيْه ، ولا قضاء ؛ للمشقَّة . وإذا كان ذلك جائزاً ، بيَّن تعالى أَنَّ إفطار المُسافِر والمريض في الحُكْم خلافُ [ التخيير في المقيم ؛ فإِنَّهُ يجبُ عليهما القَضَاء من عدَّةِ أيَّام أُخر ، فلما نَسَخَ اللَّهُ تعالى ذلك التَّخييرَ عن ]{[2546]} المقيم الصَّحيحِ ، وأَلْزَمَهُ الصَّومَ حتماً ، كان من الجائزِ أَنْ يظن أنَّ حكم الصَّوم ، كمَّا انتقلَ عن التخيير إلى التَّضييق في حَقِّ المقيم الصَّحيح أن يتغيَّر حكمُ المريضِ والمسافر عن حكم الصَّحيح ، كما كان قبل النَّسْخِ ، فبيَّن تعالى في الآية الثَّانية : أنَّ حال{[2547]} المريض والمُسافر كحالها الأُولى لم يتغيَّر بالنَّسخ في حق المقيم الصَّحيح ، فهذه هي الفائدةُ في الإعادة ، وإنَّمَا تمسُّكُهم بأنَّ صَوْمَ هذه الأيَّام على التَّخير وصومَ رمضانَ واجِبٌ على التَّعيين ، فتقدَّم جوابهُ من أَنَّ رمضان كان واجِباً مخيَّراً ، ثم صَارَ مُعَّيناً ، وعلى كِلا القَوْلَين ، فلا بُدَّ من تَطَرُّق النسخ إلى الأيَّام أمَّا على القول الأوَّل فظاهر ، وأما على الثاني : فلأَنَّ هذه الآية تقتضي أن يكون صَوم رمضان واجباً مخيَّراً ، والآية الكريمة التي بعدها تدُلُّ على التَّضييق ؛ فكانت ناسخة للأولى .

فإن قيل : كَيْفَ يصحُّ أنْ يكونَ قوله : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [ البقرة : 185 ] ناسخاً للتخيير مع اتصاله بالمنسوخ وذلك لا يصحُّ .

والجواب : أنَّ الاتِّصال في التَّلاوة لا يوجب الاتِّصال في النُّزول ؛ وهذا كما قيل في عدَّة المتوفَّى عنها زوجها ؛ أنّ الْمقدَّم في التلاوة هو النَّاسخُ والمَنْسُوخ متأَخِّر ، وهذا عكسُ ما يجبُ أن يكُونَ عليه حالُ النَّاسخ والمَنْسوخ ، فقالُوا : إنَّ ذلك في التِّلاوة ، أمَّا في الإنزال ، فكان الاعتِدادُ بالحَولِ هو المتقدِّمَ ، والآية الدَّالَّةُ على أربعة أشْهرٍ وعَشْرٍ هي المُتأخِّرَة ، وكذلك في القُرآن آيات كثيرةٌ مكِّيِّةٌ متأخِّرة في التَّلاوة عن الآياتِ المدنيَّة ، والله أعْلَمْ .

فصل في أول ما نسخ بعد الهجرة

قال ابنُ عبَّاس - رضي الله عنهما - أوَّلُ ما نُسخ بعد الهجرة أَمْرُ القِبلة والصَّوْم ، ويقالُ نزل صَوْمُ شهر رمضان قَبْل بَدرٍ بشهرٍ وأيام ، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان يَوْمُ عاشُورَاء تصومُهُ قُرَيش في الجاهلِيَّة ، وكان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ في الجَاهِليَّة فلمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدِينَةَ ، صَامَهُ ، وَأَمَرَ بِصِيامِهِ ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانَ كَانَ هُوَ الفريضة ، وتُرِكَ يَوْمُ عاشُوراء ، فَمنْ شَاءَ صاَمَهُ ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ{[2548]} .

فصل في المراد بقوله " مَعْدُودات "

في قوله تعالى : " مَعْدودَاتٍ " وجهانِ :

أحدهما : أنها مُقّدَّراتٌ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ .

والثاني : قَلائِل ؛ كقوله تعالى : { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } [ يوسف : 20 ] .

وقوله : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .

فالمرادُ أَنَّ فَرْضَ الصَّوم في الأَيَّامِ المعْدُودَاتِ ، إنما يَلْزَمُ الأصِحَّاءَ المُقيمينَ ، فأَمَّا مَنْ كَان ]{[2549]} مُسَافراً ، أو مريضاً ، فله تأخير الصَّومِ عنْ هذه الأيَّام إلى أيَّامٍ أُخَرَ .

قال القفَّالُ رحمه الله{[2550]} : انْظُرُوا إلى عجيب ما نبَّهَ اللَّهُ تعالى مِنْ سعة فضلِهِ وَرَحمتِهِ في هذا التَّكليف ، وأَنَّهُ تعالى بَيَّنَ فِي أوَّلِ الآيَةِ أن لهذه الأُمَّةِ في هذا التكليف أَسْوَةً بالأُمَمِ المُتقدِّمةِ ، والغَرضُ منهُ ما ذكرناهُ مِنْ أَنَّ الأمر الشَّاقَّ ، إذا عَمَّ خفَّ ، ثم بَيَّن ثانياً وجه الحكمة في إيجابِ الصَّوم ، وهو أَنَّهُ سببٌ لحُصُول التَّقوَى ، ثُمَّ بَيَّنَ ثالثاً : أنَّهُ مُخْتصُّ بأيَّامٍ معدوداتٍ ، فلو جعلهُ أبداً ، أو في أكثر الأوقات ، لَحَصَلتِ المشَقَّةُ العظيمة ، ثُمَّ بيَّن رابعاً : أنه خَصَّهُ من الأوقات بالشَّهر الذي أُنزل فيه القرآن ؛ لكونه أَشرَف الشُّهُور ؛ بسبب هذه الفَضيلةِ ؛ ثم بيَّن خامِساً : إزالة المشقَّة في إلزَامه ، فَأَباح تأخيره لِمَنْ به مَرَضٌ ، أو سَفَرٌ إلى أن يصيرَ إلى الرَّفاهية والسُّكُون ، فراعى سبحانه وتعالى في إيجاب هذا الصَّوم هذه الوجوه من الرحمة ، فله الحمدُ على نعمه .

قوله : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً } : فيه معنَى الشَّرْط والجَزاءِ ، أي : مَنْ يَكُنْ مرِيضاً ، أو مُسَافراً ، فَأَفْطَر ، فَلْيَقْضِ ، إذا قَدَّرْتَ فيه الشَّرط ، كَانَ المرادُ بقوله : كَانَ الاسْتِقبَالُ لاَ الماضي ؛ كما تقولُ : مَنْ أَتَانِي ، أَتَيْتُهُ .

قوله : { أَوْ عَلَى سَفَرٍ } في مَحَلِّ نَصبٍ ؛ عطفاً على خبر كان ، و " أوْ " هُنَا للتَّنويع ، وعَدَل عن اسمِ الفاعِل ، فَلَمْ يَقْل : أَوْ مُسَافِراً ، إشعارً بالاسْتِعلاء على السَّفر ، لِما فيه مِنَ الاختيار للسفر ؛ بخلافِ المرض ، فإنه قَهْرِيٌّ ،

فصل في المرض المبيح للفطر

اختلفُوا في المَرَضِ المُبيح للفطر ؛ فقال الحَسَنُ ، وابنُ سيرين : أيُّ مَرَضٍ كان ، وأيُّ سَفَرٍ كان{[2551]} ؛ تنزيلاً لِلَّفظ المطلق على أقلِّ الأحوال ، وروي أنَّهم دخَلُوا على ابن سيرين في رمَضَان ، وهو يأْكُلُ فاعتلَّ بِوَجَعِ أُصْبعِهِ{[2552]} ، وقال الأصمُّ - رحمه الله- : هذه الرخصةُ مختصَّةٌ بالمرضِ الَّذي لو صَامَ فيه ، لَوقَع في مشقَّة ، ونزَّل اللَّفظ المُطلق على أكْملِ أحوالِه .

وقال أكثَرُ الفقهاءِ : المرضُ المبيحُ للفطر الَّذي يؤدِّي إلى ضررٍ في النفسِ ، أو زيادةِ في العلَّة .

قالوا : وكيفَ يمكنُ أنْ يقالَ : كُلُّ مرضٍ مرخِّصٌ ، مع علمنا أنَّ في الأَمْرَاض ما ينقصه الصَّوم{[2553]} .

فصل في أصل السَّفر واشتقاقه

أصلُ السَّفر من الكَشف ، وذلك أنه يَكشفُ عن أحوال الرِّجال وأخلاقهم ، والمِسفرة : المِكْنَسَة ؛ لأنَّها تكشِفُ التُّراب عن الأَرْض ، والسَّفير : الدَّاخل بين اثْنَيْن للصلح ؛ لأنَّه يكشِفُ المكروه الَّذي اتَّصل بهما ، والمُسْفِر المُضِيء ؛ لأنه قد انْكَشَف وظَهَر ، ومنه : أَسْفَر الصُّبح ، والسِّفر : الكتَابُ ؛ لأنه يكشِف عن المعاني ببيانهِ . وسَفَرتِ المرأَةُ عن وجهها ، إذا كشَفَت النقابِ .

قال الأزهري : وسُمِّي المسافرُ مُسِافراً ؛ لكشف قناع الكنِّ عن وجهه ، وبُرُوزه إلى الأرضِ الفَضَاءِ ، وسُمِّي السَّفَر سَفَراً أيضاً ؛ لأنَّه يسفر عن وجُوه المُسَافرين ، وأخْلاَقهم ، ويظهر ما كان خافياً منهُم ، والله أعْلَم .

فصل في السفر المبيح للقصر والفطر

اختلفُوا في السَّفر المُبيح للقَصر والفِطْر بعد إِجماعهم على سَفَر الطَّاعة ؛ كالحَجِّ والجهاد ، ويتصلُ بهذين سفرُ صلةِ الرَّحِمِ ، وطَلَبِ المعاشِ الضروريِّ ، وأمَّا سَفَر التجاراتِ والمُبَاحات ، فمختلَفٌ فيه ، والأرجح الجوازُ ، وأمَّا سَفَر المعاصِي ؛ فمختلفٌ فيه ، والمنع فيه أرجحُ .

فصل

قال القرطبيُّ{[2554]} : اتَّفق العلماء على أنَّ المُسَافر في رَمَضان لا يجوزُ له أنْ يُبَيِّتَ الفِطْر ؛ لأنَّ المُسَافِرَ لا يكُونُ مُسَافراً بالنِّيَةِ{[2555]} ؛ بخلاف المقيم ، وإِنما يكونُ مسافراً بالعَمَل ، والنُّهُوض ، والمقيمُ لا يفتقر إِلى عَمَل ؛ لأنه إذا نوى الإقامة ، كان مقيماً في الحين ؛ لأن الإقامة لا تفتقر إلى عَمَلٍ ، فافترقا .

فصل في قدر السَّفر المبيح للرُّخص

اختلفُوا في قَدر السَّفر المُبيح للرُّخص ، فقال داود : كُلُّ سفر ، ولو كان فَرْسَخاً ، وتخصيص عمومِ القرآن بخَبَر الواحِدِ غيرُ جائزٌ{[2556]} .

وقال الأوزاعيُّ : السَّفر المبيحُ للفِطر هو مسافةٌ القصر ، ومذهبُ الشافعيِّ ومالكٍ ، وأحمد ، وإسحاق ؛ أنه مقدَّرٌ بستة عَشَرَ فرسخاً ، وهي أربعةُ بُرُدٍ كلُّ فرسخٍ ثلاثة أَمْيالٍ بأَمْيَال هاشم جَدِّ الرَّسُول - عليه الصَّلاة والسَّلام - وهو الَّذي قدَّر أميال البادية كُلُّ ميلٍ اثْنَا عَشَر ألفَ قَدَمٍ ، وهي أربعة آلافِ خطوةٍ ، كلُّ خَطوَةٍ ثلاثةُ أقدَام .

وقال أبُو حَنِيفة - رضي الله عنه - والثوريُّ : مَسَافَةُ القَصْرِ ثلاثة أيامٍ .

قوله { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }

الجمهور على رفع " عدَّةٌ " ، وفيه وجوهٌ :

أحدها : أنَّه مبتدأٌ وخبره محذوفٌ ، إما قبله ، تقديره : " فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ " أو بعده ، أي فعدَّةٌ أَمْثَلُ به .

الثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف ، اي : فالواجبُ عدَّةٌ .

الثالث : أن يرتفع بفعل محذوفٍ ، أي : " تُجْزِئُهُ عِدَّةٌ {[2557]} " .

وقرىء " فَعِدَّةٌ " ؛ نصباً بفعلٍ محذوفٍ ، تقديره : " فَلْيَصُمْ عِدَّةً " ، وكأنَّ أبا البقاء{[2558]} - رحمه الله - لم يَطَّلِعْ على هذه القراءةِ ؛ فإنَّه قال : لو قرىء بالنَّصب ، لكان مُسْتقيماً ، ولا بُدَّ مِنْ حذف مضافٍ ، تقديره : " فَصَوْمَ عِدَّة " وَمِنْ حذف جملة بعد الفعلية ؛ ليصحَّ الكلامُ ، تقديره : " فَأَفْطَرَ ، فَعِدَّةً " ؛ ونظيرهُ { اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ } [ البقرة : 60 ] وقوله { اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ } [ الشعراء : 63 ] ، أي : " فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ " .

و " عِدَّة " " فِعْلَةٌ " من العدد ، بمعنى : مَعْدُودَة ، كالطِّحْنِ والذِّبْح ، ومنه يقال للجماعة المعدودة مِنَ النَّاس عِدَّة ، وعِدَّة المرأة مِنْ هذا ، ونَكَّر " عِدَّة " ، ولم يقل : " فعدّتها " ؛ اتّكالاً على المعنى ؛ فإنَّا بيَّنَّا أنَّ العدَّة بمعنى المعدُود ، فأمر بأن يُصوم أيَّاماً معدودةً والظَّاهر : أنَّه لا يأتي إلاَّ بمثل ذلك العَدَد ، فأغنى ذلك عن التعريف بالإضافة .

و " مِنْ أَيَّام " : في مَحلِّ رفع ، أو نصبٍ على حَسَب القراءتين صفة ل " عِدَّة " .

قوله " أُخَر " صفةٌ ل " أيَّام " ؛ فيكون في محلِّ خفضٍ ، و " أُخَرَ " على ضربَيْن .

أحدهما : جمع " أُخْرَى " تأنيث " أخَرَ " الَّذي هو أفعَلُ تَفضيل .

والثاني : جمع " أُخْرَى " بمعنى " آخِرَةٍ " تأنيث " آخِرٍ " المقابل لأوَّل ؛ ومنه قوله تبارك وتعالى : { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ } [ الأعراف : 39 ] فالضربُ الأَوَّل لا ينصرفُ للوَصف والعَدْل ، واختلفُوا في كيفيَّة العَدْل : فقال الجمهورُ : إنه عَدلٌ عن الألف واللاَّم ؛ وذلك أنَّ " أُخَرَ " جمعُ " أُخْرَى " ، و " أُخْرَى " تأنيث " آخَرَ " و " آخَرُ " أفعلُ تفضيلٍ لا يخْلُو عن أحدِ ثلاثةِ استعمالاتٍ .

إما مع " ألْ " وإمَّا مع " مَنْ " ، وإما مع " الإضَافَةِ " ، لكن مِنْ ممتنعةٌ ؛ لأن معها يلزمُ الإفرادُ والتذكير والإضافة في اللفظِ ؛ فقدَّرنا عدلَهُ عن الأَلِفِ واللاَّم ، وهذا كما قالُوا في " سَحَرَ " إنَّه عدلٌ عن الألِفِ واللام ، إِلاَّ أنَّ هذا مع العلميَّة ، ومذهَبُ سيبويه{[2559]} : أنه عدلٌ من صيغة إلى صيغةٍ ؛ لأنه كان حقُّ الكلام في قولك : " مَرَرْتُ بِنِسْوَةِ أُخَرَ " على وزن " فُعَلَ " أنْ يكون " بنِسْوَةٍ آخَرَ " على وزن " أَفْعَلَ " ؛ لأن المعنى على تقدير " مِنْ " فعُدِل عن المفرد إلى الجمع .

وأمَّا الضربُ الثَّاني : فهو منصرفٌ ؛ لِفُقْدَانِ العلَّة المذكورة ، والفرقُ بين " أُخْرَى " التي للتفضيلِ ، و " أُخْرَى " التي بمعنى متأخِّرة - أنَّ معنى الَّتي للتفضيل معنى " غَيْرَ " ، ومعنى تِيكَ معنى " متأخِّرة " ؛ ولكونِ الأُولى بمعنى " غَيْر " لا يجوز أن يكونَ ما اتَّصلَ بها إلاَّ [ منْ جنس ما قبلها ؛ نحو : " مررتُ بِكَ ، وبرَجُلٍ آخر " ولا يجوز " اشْتَرَيْتُ هَذَا الجَمَلَ وَفَرَساً آخَرَ " ؛ لأنه من ]{[2560]} غير الجنْسِ ، فأما قوله في ذلك البيت : [ البسيط ]

934 - صَلَّى عَلَى عَزَّةَ الرَّحْمنُ وَابْنَتِهَ *** لَيْلَى وَصَلَّى عَلَى جَارَاتِها الأُخَرِ{[2561]}

فإنَّه جعل ابنتها جارة لها ، ولولا ذلك ، لَمْ يَجُزْ ، ومعنَى التفضيل في " آخر " و " أَوَّل " ، وما تصرَّف منها قلِقٌ مذكورٌ في كُتُب النَّحْو ، وإنَّما وصفت الأيّام ب " أُخَرَ " مِنْ حيثُ إنَّها جمعٌ ما لا يعقلُ ، وجَمْعُ ما لا يعقلُ يجوز أنْ يُعَامَلُ معاملةً الواحدة المؤنَّثة ، ومعاملةَ جمع الإنَاثِ ، فمن الأول { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى } [ طه : 18 ] وفي الثاني هذه الآية اكريمة ، ونظائرها ، فإنما أوثر هنا معاملتُهُ معاملةَ الجمع ؛ لأنه لو جيء به مُفْرَداً ، فقيل : { عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامُ أُخْرَى } لأوهم أنَّه وصف فيفوت المقصُود .

فصل

ذهب بعضُ العلماء - رضي الله عنهم - إلى أنَّه يجبُ على المريض والمُسَافر : أن يُفْطِرا وْ يصُوما عدَّة أَيامٍ أَخَرَ وهو قولُ ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - وابن عمر{[2562]} ، ونقل الخَطَّابيُّ في " أَعْلاَم التَّنزيل " عن ابنِ عمر ، أنَّه قال : " إنْ صَامَ في السَّفِرِ ، قَضَى في الحَضَرِ " وهذا اختيار داود بنِ عليٍّ الأصفهانيِّ ، وأكثر الفقهاءِ على أنَّ هذا الإفطار رخصةٌ ، فإنْ شاء أفْطَر ، وإن شاء صام .

حُجَّةُ الأوَّلين ما تقدَّم من القراءتين أنَّا إن قرأنا " عِدَّةً " ، فالتقديرُ : " فَلْيَصُمْ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " والأمر للوجوب ، وأنا إن قرأنا بالرَّفع ، فالتقديرُ : " فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ " وكلمة " عَلَى " للوجوب ، وإذا كان ظاهرُ القُرآن الكريم يقتضي إيجابَ صَوْم أيامٍ أُخَرَ ، فوجب أَنْ يكُونَ فطرُ هذه الأيامِ واجباً ؛ ضرورةَ أنَّه لا قائل بالجمع .

وقوله عليه الصَّلاة والسَّلام " لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ{[2563]} " ولا يقالُ : هذا الخَبَر ورد على سَبَبٍ خاصٍّ ، وهو أنَّه - عليه الصَّلاة والسَّلام - مَرَّ عَلَى رَجُلٍ ، جَلسَ تحت مِظلَّةٍ ، فَسَأَلَ عَنهُ ، فقالُوا : هذا صائِمٌ أجْهَدَهُ العطَشُ ، فَقال : " لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ " ، فإنا نقولُ : العِبرة بعُمُوم اللَّفظ لا بخُصُوص السَّبَبِ ، وقال - عليه الصَّلاة والسَّلام - : " الصَّائِمُ في السَّفر كالمُفطِرِ في الحَضَرِ " .

وحجَّة الجمهور : أنَّ في هذه الآية إضماراً ؛ لأنَّ التَّقدير : " فأَفْطَرَ فعدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " والإضمارُ في كلام الله تعالى جائزٌ ؛ كما في قول الله تعالى : { اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ } [ البقرة : 60 ] ، أي : " فَضَرَبَ ، فَانْفَجَرَتْ " ، وقوله { اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ }

[ الشعراء : 63 ] ، أي : " فَضَرَبَ فَانْفَلَقَتَ " ، وقوله : { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ } [ البقرة : 196 ] إلى قوله : { أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ } ، أي : " فَحَلَقَ " .

قال القفَّال{[2564]} - رحمه الله - : قوله تعالى :

{ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } يدلُّ على وجُوُب الصَّوم .

قال ابن الخطيب{[2565]} : ولقِائِلٍ أنْ يقَولَ : هذا ضعيفٌ من وجهين :

الأول : أنَّا إنْ أجرينا ظاهر قوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } على العُمُوم ، لزمنا الإضمارُ في قوله : { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، وإن أجرينا هذه الآيَةَ على ظاهرها ، لَزمنا تخصيصُ عُمُوم قوله : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } ، وقد ثبت في أصُولِ الفقه أنَّه متى وقع التعارُضُ بيْن التخصيص ، وبيْن الإضمار ، كان الحملُ على التَّخصيص أَولى .

الثَّاني : أنَّ ظاهر قَوله تعالى : " فَلْيَصُمْهُ " يقتضي الوُجوب عَيْناً ، وهذا الوُجُوب منتفٍ في حقِّ المريضِ والمُسافر ، فالآيةُ مخصوصةٌ في حقِّهما على كلِّ تقدير ، سواءٌ أجرَينا قولَهُ تعالى : { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } على ظاهره أَوْ لاَ ، وإذا كان كذلك ، وجب إجراء هذه الآية على ظاهِرِهَا مِنْ غير إضمارٍ .

الوجه الثاني : ذكره الواحدي{[2566]} في " البَسِيطِ " قال : وقَال القاضي : إنَّما يجبُ القَضَاء بالإفْطَار ، لا بالمَرَض والسَّفر ، فلمَا أوجب اللَّهُ القَضَاءَ ، والقَضَاءُ مسَبوقٌ بالفطْر ، دَلَّ على أنَّه لا بُدَّ مِنْ إضمارِ الإفطار .

قال ابنُ الخطيب{[2567]} وهذا ساقط ؛ لأنه لم يَقُل : فعلَيَهِ قضاءُ ما مَضَى ، بل قال : " فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " ، وإيجابُ الصَّوم عليه في أيَّامٍ أُخَرَ لا يستَدعي أن يكون مَسبُوقاً بالإفطار .

الوجه الثالث : رَوَى أبو داود عن هشام بن عُروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أن حمزة الأسلميَّ سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال : يا رَسُولَ اللَّهِ ، هَل أَصُوم في السَّفر ؟ قال " إِنْ شِئْتَ صُمْ ، وإنْ شِئْتَ فَأفْطِرْ{[2568]} " .

ولقائل أنْ يقول : هذا يقتضي نَسْخَ القُرآن بخبر الواحد ؛ لأن ظاهر القُرآن يقتضي وجُوبَ الصَّوم ، فرفعُ هذا الحُكم بهذا الخَبر غيرُ جائِز ، وإذا ضُعِّفَتْ هذه الوجوه ، فالاعتماد على قوله تعالى : { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } ؛ وسيأتي إن شاء الله تعالى .

فصل في هل صوم المسافر أفضل أم فطره

اختلفُوا هَل الصَّوم للمُسافرِ أفْضَلُ أمِ الفِطر ؟

فقال أنسُ بنُ مالك ، وعثمان بنُ أبي أوفى : الصَّوم أفضلُ ، وبه قال الشافعيُّ ، وأبو حنيفة ، ومالكٌ ، والثوريُّ ، وأبو يوسُفَ ، ومحمَّد .

وقال سعيدُ بنُ المُسيَّب ، والشَّعبيُّ ، والأوزاعيُّ ، وأحمدُ ، وإسحاقُ ، الفطرُ أفضلُ .

وقالت طائفةٌ : أفضل الأمرين أيسرهما على المرء . حجَّة الأوَّلين : قوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } وقوله { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } .

حجَّة الفرقة الثانية : قوله - صلى الله عليه وسلم - " إنَّ الله يحبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ ؛ كما تُؤْتَى عَزَائِمُهُ " {[2569]} وقوله - عليه الصَّلاة والسَّلام - " لَيْسَ من البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ " ، وأيضاً : فالقَصر أفضلُ ؛ فيجب أنْ يكُون الفطرُ أفضل .

وفرَّق بعضهم بين القَصر والفِطْر مِنْ وجهين :

الأوَّل : أنَّ الصَّلاة المقصُورة تبرأ الذمَّة بها ، والفِطر تبقى الذِّمَّة فيه مشغُولةٌ .

الثاني : أنّ فضيلة الوقت تَفُوتُ بالفِطْرِ ، ولا تَفُوت بالقَصر .

حجَّةُ الفرقة الثالثة : قوله تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [ البقرة : 185 ] .

فصل في حكم ما إذا أفطر كيف يقضي ؟

مذهب عليٍّ ، وابن عُمر ، والشَّعبيِّ : أنَّه يقضيه متتابعاً ؛ لوجهين :

الأوَّل : قراءة أُبي " فعدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ مُتتابعاتٍ " فكذا القضاءُ{[2570]} .

وقال بعضهم : التَّتابع مستحبٌّ ، وإن فرق ، جاز ؛ فيكون أمراً بصَوم أيامٍ على عدد تِلْكَ الأيَّام مطلقاً ، فالتقديرُ بالتتابع مخالفٌ لهذا التَّعميم ، ويُروى عن أبي عُبيدة بن الجرَّاح أنه قال : " إِنَّ الله لَمْ يُرَخِّصْ لَكُمْ في فِطرهِ ، وهو يريد أنْ يشُقَّ عليكم في قَضَائِهِ ؛ إنْ شئْتَ فَواتِرْ ، وإنْ شِئْتَ فَفَرِّقْ " ، ورُوِي أنَّ رجلاً قال للنبيَّ - صلى الله عليه وسلم - : عَلَيَّ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ ، أَفَيُجْزيني أَنْ أقضيها مُتفرقاً فقال لهُ : " لَوْ كَانَ عَلَيْكَ دَيْنٌ ، فَقَضَيْتَهُ الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْن ، أَمَا كَانَ يُجْزِيكَ ؟ فقال : نَعَمَ ، قَالَ " فَاللَّهُ أحقُّ أَنْ يَعفُو ويصفح{[2571]} " .

قوله " يُطِيقُونَهُ " الجمهور على " يُطِيقُونَهُ " من أطَاقَ يُطِيقُ ، مثلُ أقَامَ يُقِيمُ ، وقرأ{[2572]} حُمَيدٌ " يُطْوِقُونَهُ " من " أَطْوَقَ " كقولِهم أَطْوَل في أطالَ ، وأغْوَل في أغال ، وهذا تصحيحٌ شاذٌ ، ومثله في الشُّذُوذ من ذوات الواو أجودَ بمعنى أجادَ ، ومن ذوات الياء أَغْيَمَتِ السَّماءُ ، وأَجبَلَتْ ، وأَغْيَلَت المَرْأَةُ وأَطْيَبَتْ ، وقد جاء الإعلالُ في الكُلِّ ، وهو القياس ، ولم يقل بقياسِ نحو أَغيَمَتْ وَأَطوَلَ إِلا أبو زَيدٍ . وقرأ ابن عبَّاسٍ{[2573]} وابن مَسعُودٍ ، وسعيدُ بنُ جُبَيرٍ ، ومجاهد ، وعكرمةُ ، وأيُّوب السَّختياني ، وعطاءٌ " يُطوَّقونَهُ " مبنيّاً للمعفول من " طوَّقَ " مُضعَّفاً ، على وزن " قَطَّعَ " ، وقرأت عائشةُ ، وابن دينارٍ : " يَطَّوَّقُونَهُ " بتشديد الطاء والواو من " أَطْوَقَ " ، وأصله " تَطَوَّقَ " ، فلما أُرِيدَ إدغامُ التَّاء في الطاء ، قُلِبت طاء واجتلبت همزةُ الوَصل ؛ ليمكن الابتداءُ بالسَّاكن ، وقد تقدَّم تقرير ذلك في قوله تعالى : { أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } [ البقرة : 158 ] وقرأ{[2574]} عكرمةُ وطائفة " يَطَّيَّقُونه " بفتح الياء ، وتشديد الطَّاء ، والياء ، وتُروى عن مجاهد أيضاً ، وقرىء أيضاً هكذا لكن ببناء الفعل للمفعُول .

وقد ردَّ بعضهم هذه القراءة ، وقال ابنُ عطيَّة{[2575]} تشديدُ الياءِ في هذه اللَّفظة ضعيفٌ وإنَّما قالُوا ببُطْلان هذه ؛ لأنَّها عندَهُم من ذوات الواو ، وهو الطَّوق ، فمِنْ أين تجيء الياء ، وهذه القراءةُ لَيْسَت باطلةً ، ولا ضعيفةً ، ولها تخريجٌ حسنٌ ، وهو أن هذه القراءة لَيستْ من " تَفَعَّلَ " ؛ حتى يلزم ما قالوه من الإشكال ، وإنما هي من " تَفَيْعَل " ، والأصلُ " تَطَيْوَقَ " مِنَ " الطَّوْقِ " ك " تَدَيَّرَ " و " تَحَيَّرَ " من " الدَّوَرَانِ " و " الحَوْر " ، والأصل " تَدَيْوَرَ " ، و " تَحَيْورَ " فاجتمعت الواوُ والياءُ ، وسبَقَتْ إحداهما بالسُّكُون ، فقلبت الواو ياءً ، وأُدغمت الياء في الياء ، فكان الأصلُ " يَتَطَيْوَقُونَهُ " ، ثم أُدغم بعد القلبِ ، فمن قرأ " تَطَّيَّقُونَهُ " بفتح الياء بناه للفاعل ، ومن ضمَّها بناه للمفعول ، ويحتمل قراءة التشديد في الواو ، أو الياء أن تكون للتكلُّف ، أي :يَتَكَلَّفُونَ إطاقَتَهُ وذلك مجازٌ من الطَّوقِ الذي هو القلادةُ في أعْناقهم ، وأبعد من زعم أنَّ " لاَ " محذوفةٌ قبل " ويطيقُونَهُ " ، وأنَّ التقديرَ ، لاَ يُطِيقُونَهُ ، ونَظَّرَهُ بقوله : [ الطويل ]

935 - فَخَالِفْ فَلاَ واللَّهِ تَهْبِطُ تَلْعَةً *** من الأَرْضِ إِلاَّ أَنْتَ لِلذُلِّ عَارفُ{[2576]}

وقوله : [ الكامل ]

936 - آلَيْتُ أَمْدَحُ مُغْرماً أَبَداً *** يَبْقَى الْمَدِيحُ ويَذْهَبُ الرِّفْدُ{[2577]}

وقوله : [ الطويل ]

937 - فَقُلْتُ : يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِداً *** وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالي{[2578]}

المعنى : لاَ تَهْبِطُ ، ولاَ أَمْدَحُ ، وَلاَ أَبْرَحُ ، وهذا ليس بشيءٍ ؛ لأنَّ حذفها مُلتبسٌ ، وأما الأبياتُ المذكورة ؛ فلدلالة القسم على النَّفي .

والهاء في " يَطِيقُونَهُ " للصَّومِ ، وقيل : للفداء ؛ قاله الفراء{[2579]} .

و " فِدْيَة " مبتدأٌ خبره في الجَارِّ والمجرور قَبْله ، والجُمْهُورُ على تَنْوين " فِدْيَةٌ " ورفع " طَعَام " وتوحيد " مسكين " وهشام كذلك إلاَّ أنه قرأ{[2580]} " مَسَاكينَ " جمعاً ، ونافعٌ وابنُ ذكوان بإضافة " فِدْيَة " إلى " مَسَاكِين " جمعاً ، فالقراءة الأولى يكون " طَعَاماً " بَدَلاً من " فِدْيَةٌ " بَيَّنَ بهذا البَدَل المراد بالفدْية ، وأجاز أبو البقاء{[2581]} - رحمه الله تعالى - أن يكون خبر مبتدأ محذوفٍ ، أي : " هي طعامٌ " ، وأما إضافة الفدية للطَّعام ، فمِن باب إضافة الشيء إلى جنْسِه ، والمقصُود به البيانُ ؛ كقولك : " خَاتَمُ حَدِيدٍ ، وثَوبُ خَزٍّ ، وبابُ ساجٍ " لأنَّ الفدية تكونُ طعاماً وغيره ، وقال بعضهم : يجوز أنْ تكُون هذه الإضافة من باب إضافة الموصُوف إلى الصِّفة ، قال : لأنَّ الفِدْية لها ذاتٌ وصفَتُها أنَّها طعام ، وهذا فاسِدٌ ؛ لأنَّه إمَّا أن يريد ب " طَعَام " المصدرَ بمعنى الإطعام ؛ كالعطاء بمعنى الإعطاء ، أو يُريدَ به المفعُول ؛ وعلى كلا التَّقديرين ، فلا يُوصفُ به ؛ لأنَّ المصدر لا يُوصَف عند المُبالغة إلاَّ به وليست مُرادةً هنا ، والذي بمعنى المفعولِ ليس جَارياً على فِعْلٍ ، ولا ينقاسُ ، لا تقُول : ضِرَاب بمعنى مَضْرُوبِ ، ولا قِتَال بمعنى مَقْتُولٍ ، ولكونها غير جاريةٍ على فِعْلِ ، لم تَعَمْلْ عَمَله ، لا تَقُولُ : " مَرَرْتُ بِرَجُلٍ طَعَامٍ خُبْزُهُ " وإذا كانَ غيرَ صفةٍ ، فكيفَ يقال : أُضِيفَ المَوْصُوفُ لصفَتِهِ ؟

وإنِّما أُفْرِدَت " فِدْيَةٌ " ؛ لوجهين :

أحدهما : أنَّها مصدرٌّ ، والمصدرُ يُفْرَدُ ، والتاء فيها ليست للمَرَّة ، بل لِمُجَرَّدِ التأنيث .

والثاني : أنه لما أضافها إلى مضاف إلى الجمع ، أفهمت الجمع ، وهذا في قراءة " مساكين " بالجمع ، ومن جمع " مساكين " ، فلمقابلة الجمع بالجمع ، ومن أفرد ، فعلى مراعاة إفراد العموم ، أي : وعلى كل واحد ممن يطيق الصوم ؛ لكل يوم يفطره إطعام مسكين ؛ ونظيره : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } [ النور :4 ] .

وتبين من إفراد " المسكين " أن الحكم لكل يوم يفطر فيه مسكين ، ولا يفهم ذلك من الجمع ، والطعام : المراد به الإطعام ، فهو مصدر ، ويضعف أن يراد به المفعول ، قالوا أبو البقاء : " لأنه أضافه إلى المسكين ، وليس الطعام للمسكين قبل تمليكه إياه ، فلو حُمل على ذلك ، لكان مجازا ؛ لأنه يصير تقديره : فعليه إخراج طعام يصير للمساكين ، فهو من باب تسمية الشيء بما يؤول إليه ، وهو وإن كان جائزا ، إلا أنه مجاز ، والحقيقة أولى منه " .

قوله : " فمن تطوع خيرا " قد تقدم نظيره عند قوله تعالى : { ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم } [ البقرة : 158 ] فليلتفت إليه ، والضمير في قوله : " فهو " ضمير المصدر المدلول عليه بقوله : " فمن تطوع " ، أي : فالتطوع خير له ، و " له " في محل رفع ؛ لأنه صفة ل " خير " ؛ فيتعلق بمحذوف ، أي : خير كائن له .

فصل في نسخ الآية

ذهب أكثر العلماء إلى أن الآية منسوخة ، وهو قول ابن عمر ، وسلمة بن الأكوع ، وغيرهما ؛ وذلك أنهم كانوا في ابتداء الإسلام مخيرين بين أن يصوموا ، وبين أن يفطروا ، ويفتدوا ، خيَّرهم الله تعالى ؛ لئلا يشق عليهم ؛ لأنهم كانوا لم يتعودوا الصوم ، ثم نُسخ التخيير ، ونزلت العزيمة بقوله تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وقال قتادة : هي{[2582]} خاصة بالشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ، ولكن يشق عليه ، رُخص له أن يُفطر ويفدي [ ثم نسخ .

وقال الحسن : هذا في المريض الذي به ما يقع عليه اسم المرض ، وهو يستطيع ، خُير بين أن يصوم وبين أن يفطر ويفدي ]{[2583]} ثم نُسخ بقوله : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " وتثبت الرخصة للذين لا يطيقونه ، وذهب جماعة إلى أن الآية الكريمة محكمة غير منسوخة ، معناه : وعلى الذين كانوا يطيقونه في حال الشباب ، فعَجِزوا عنه بعد الكبر ، فعليهم الفدية بدل الصوم ، وقراءة ابن عباس " يُطوَّقونه " بضم الياء ، وفتح الطاء مخففة ، وتشديد الواو ، أي : يُكلَّفون الصوم ، فتأوله على الشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة ، لا يستطيعان الصوم ، والمريض الذي لا يرجى برؤه ، فهم يكلفون الصوم ، ولا يطيقونه ، فلهم أن يُفطروا ، ويُطعموا مكان كل يوم مسكينا ، وهو قول سعيد بن جبير{[2584]} ، وجعل الآية محكمة .

فصل في المراد بالفدية ومقدارها

" الفِدْيةُ " في معنى الجزاء ، وهو عبارةٌ عن البَدَل القائم عن الشيءِ وهي عند أبي حنيفة نصفُ صاعٍ من بُرٍّ ، أو صاعاً من غيره وهو مُدَّانِ ، وعن الشَّافعي " مُدٌ " بمُدِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو رَطْلٌ وثُلُثٌ من غالب أقوات البَلَد ، وهو قول فقهاء الحجاز .

وقال بعضُ فقهاء العراق : نصف صاعٍ لكُلِّ يومٍ يُفطِر{[2585]} .

وقال بعض الفقهاء : ما كان المُفْطِرُ يتقوَّته يَومَه الَّذي أفْطَره{[2586]} .

وقال ابنُ عباسٍ : يُعطِي كلَّ مسكين عشاءَهُ وسَحُوره{[2587]} .

فصل في احتجاج الجبائي بالآية

احتجَّ الجُبَّائيُّ بقوله تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } على أن الاستطاعة قبل الفعل ؛ فقال : الضميرُ في قوله : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } عائدٌ إلى الصَّوم ، فأثبت القُدرة على الصَّوم حال عدم الصَّومِ ؛ لأنَّه أوجب عليه الفِدية ، وإنَّما تجب عليه الفديةُ إذا لم يَصُمْ ؛ فَدَلَّ هذا على أن القدرةَ على الصَّوم حاصلةٌ قبل حُصُول الصَّوم .

فإنْ قيل : لمَ لا يجُوز أنْ يكُون الضميرُ عائداً إلى الفِدية ؟

قُلنا : لا يَصحُّ لوجهين :

أحدهما : أن الفدْيَةَ متأخِّرةٌ ، فلا يَعُود الضَّمير إليها .

والثاني : أنَّ الضَّمير مُذَكَّر ، والفدية مؤنَّثة .

فإنْ قيل : هذه الآية مسنوخةٌ ، فكَيْفَ يجوز الاستدلالُ بها ؟ !

قلنا : إنَّما كانت قبل أن صارتْ منسُوخةً دالَّة على أنَّ القُدرة حاصلةً قبل الفعل ، والحقائقُ لا تتغيَّر .

قوله : { فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ } فيه ثلاثة أوجُهٍ :

أحدها : قال مجاهد وعطاء ، وطاوس : أي : زاد على مسكين واحدٍ ؛ فأطعم مكان كل يومٍ مسكينين ، فأكثر{[2588]} .

الثاني : أن يطعم المسكين الواحد أكثر من القدر الواجب .

الثالث : قاله الزُّهريُّ : من صام مع الفدية ، فهو خير{[2589]} له .

قوله : " وَأَنْ تَصُومُوا " في تأويل مصدر مرفوع بالابتداء ، تقديره : " صَوْمُكُمْ " ، و " خَيْرٌ " خَبَرُهُ ، ونظيره : { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }

[ البقرة : 237 ] .

وقوله : " إنْ كُنْتُم تَعْلَمُونَ " شرطٌ حذف جوابه ، تقديره : فالصَّوم خيرٌ لكم ، وحذف مفعول العلم ؛ إما اقتصاراً ، أي : إن كنتم من ذوي العلم والتمييز ، أو اختصاراً ، أي : تعلمون ما شرعيته وتبيينه ، أو فضل ما علمتم .

من ذهب إلى النَّسخ ، قال : معناه : الصَّوم خيرٌ له من الفدية ، وقيل : هذا في الشَّيخ الكبير ، لو تكلَّف الصَّوم ، وإن شقَّ عليه ، فهو خيرٌ له من أن يفطر ويفدي .

وقيل : هذا خطابٌ مع كل من تقدَّم ذكره ، أعني : المريض ، والمسافر ، والذين يطيقونه .

قال ابن الخطيب{[2590]} : وهذا أولى ؛ لأنَّ اللفظ عامٌّ ، ولا يلزم من اتِّصاله بقوله { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أن يكون حكمه مختصّاً بهم ، لأنَّ اللفظ عامٌّ ، ولا منافاة في رجوعه إلى الكُلِّ ، فوجب الحكم بذلك ، واعلم أنه لا رخصة لمؤمن مكلَّف في إفطار شهر رمضان ، إلاَّ لثلاثةٍ :

أحدهم - يجب عليه القضاء والكفَّارة : هو الحامل والمرضع ، إذا خافتا على ولديهما يفطران ، ويقضيان ، وعليهما مع القضاء الفدية ، وهو قول ابن عمر ، وابن عبَّاس ، وبه قال مجاهد ، وإليه ذهب الشافعيُّ وأحمد{[2591]} .

وقال قومٌ : لا فدية عليهما ، وبه قال الحسن ، وعطاء ، والنَّخعيُّ ، والزُّهريُّ ، وإليه ذهب الأوزاعيُّ والثوريُّ{[2592]} وأصحاب الرَّأي .

الثاني - عليه القضاء دون الكفَّارة : وهو المريض والمسافر .

الثالث - عليه الكفَّارة دون القضاء : الشَّيخ الكبير ، والمريض الذي لا يرجى زوال مرضه .


[2540]:- ينظر: معاني القرآن للفراء 1/112.
[2541]:- ينظر: الإملاء لأبي البقاء 2/31.
[2542]:- ينظر: البحر المحيط 2/38.
[2543]:- سقط في ب.
[2544]:- أخرجه الطبري في "تفسيره" (3/414) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (10/323) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن ابن عباس.
[2545]:- ذكره الفخر الرازي في "التفسير الكبير" (5/61). وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (1/323) أثرا أخرجه سعيد بن منصور عن أبي جعفر قال: نسخ شهر رمضان كل صوم.
[2546]:- سقط في ب.
[2547]:- في ب: إدخال.
[2548]:- أخرجه البخاري (3/95) كتاب الصوم باب صيام يوم عاشوراء (2002) و (6/54) كتاب التفسير باب تفسير سورة البقرة (4504) ومسلم كتاب الصوم باب 19، رقم (118) وأبو داود (1/ 472) كتاب الصيام باب في صوم يوم عاشوراء (2442).
[2549]:- سقط في ب.
[2550]:- ينظر: تفسير الفخر الرازي 5/ 63.
[2551]:- ذكره الفخر الرازي في "التفسير الكبير" (5/ 63) عن الحسن وابن سيرين.
[2552]:- ذكره الفخر الرازي في "تفسيره" (5/63).
[2553]:- من شروط وجوب الصوم: القدرة على الصوم حسا أو شرعا، فلا يجب صوم رمضان على العاجز عن الصوم، ثم إن العجز عن الصوم قسمان: شرعي، وحسي. فالعجز الشرعي ما كان سببه الحيض والنفاس، فلا يجب صوم رمضان على الحائض والنفساء، وبل يحرم عليهما بالإجماع. فإذا طهرت الحائض أو النفساء، وجب عليهما القضاء؛ دليل ذلك ما روي عن السيدة عائشة- رضي الله عنها-؛ أنها قالت في الحيض كنا نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم- ثم نطهر فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة، فوجب القضاء على الحائض بهذا الخبر؛ ويقاس عليها النفساء؛ لأنها في معناها ثم إن طهرتا في أثناء نهار رمضان، استحبّ لهما إمساك بقية النهار، ولا يلزمهما ذلك. وإنما وجب عليهما قضاء الصوم دون الصلاة؛ للفرق بينهما- وهو أن الصلاة تتكرر في اليوم خمس مرات، بخلاف الصوم فإنه شهر في السنة. وأما العجز الحسي عن الصوم، فهو ما لحق صاحبه مشقة لا تحتمل عادة، وله أسباب: الأول: المرض: فيباح للمريض ترك صوم رمضان إذا كان يحصل له بسبب الصوم مشقة لا تحتمل عادة سواء كان هذا المرض يرجى زواله أم لا لقوله تعالى: "فمن كان منكم مريضا او لى سفر فعدة من أيام آخر"؛ ولقوله تعالى: "ما جعل عليكم في الدين من حرج". ولا تتوقف إباحة الفطر للمريض على قول طبيب عدل بحصول المشقة المذكورة إذا صام، بل يكفي أن يتضرر المريض بالصوم، وأنه يدرك الألم الحاصل له بسبب الصوم، ولا يلزم المريض تبييت النية ليلا إذا كان المرض الذي عنده مطبقا، أي مستمرا ليلا ونهارا أما إذا كان غير مطبق، بأن كان متقطعا؛ كالحمى التي توجد في وقت وتنقطع في وقت آخر، فيفصل فيه، فإن كان المرض غير موجود قبيل الفجر لزمه تبييت النية؛ لاحتمال الشفاء، وعدم عودة المرض، ثم إن عاد المرض جاز له الفطر، وإلا فلا. أما إذا كان المرض موجودا قبيل الفجر، فلا يلزمه التبييت، ويلزمه قضاء ما ترك. ثم إذا أصبح الصحيح صائما، ثم مرض في أثناء النهار- جاز له الفطر، لأن أبيح له الفطر للضرورة، والضرورة موجودة. الثاني: كِبَر السن فلا يجب الصوم على كبير السن الذي يلحقه بسبب الصوم مشقة لا تحتمل عادة، سواء كان الكبير رجلا أو امرأة؛ لقوله تعالى: {ما جعل عليكم في الدين من حرج}، والظاهر أنه لا يجب عليه تبييت النية، لأن عذره- وهو الكبر- دائم، فلا يحتمل الزوال. الثالث: الاشتغال بعمل يشق معه الصوم مشقة لا تحتمل عادة، فيباح الفطر للبنّائين، والفعلة، والخبّازين، ومن ماثلهم من كل ذي عمل شاق، وذكرا كان أو أنثى إلا أنه يلزمه تبييت النية لأن الأصل بقاء القدرة، ثم إن لحقه بالنهار المشقة المذكورة، أفطر، وإلا فلا، ولا يجوز له ترك النية ليلا. الرابع: شدة الجوع والعطش، فيباح الفطر لمن لحقه ذلك، بل إذا غلبه الجوع أو العطش، وخشي الهلاك- لزمه الفطر، وإن كان صحيحا مقيما لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}، وقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ويلزمه القضاء؛ كالمريض. قال الغزالي في "المستصفى": من خاف الهلاك؛ لترك الأكل، حرم عليه الصوم، وإن صام، ففي انعقاده وجهان: أصحهما: انعقاده مع الإثم. الخامس: خوف المرضع حصول مشقة شديدة لها بسبب الصوم، سواء كانت كمستأجرة أو متبرعة وكما يُباح الفطر للمرضعة؛ لخوفها على نفسها من حصول المشقة المذكورة بسبب الصوم، يباح لها الفطر أيضا؛ لخوفها على رضيعها؛ بأن تخاف قلة اللبن، فيتضرر الرضيع. وسيأتي أنها إذا أفطرت لخوفها على نفسها، ولو مع الرضيع، لا يجب عليها إلا القضاء فقط. أما إذا خافت على رضيعها فقط، وأفطرت- وجب عليها القضاء بدلا عن الصوم، وفي الكفارة ثلاثة أوجه: أحدها: وهو المتفق عليه من الأصحاب وجوبها، وهي عبارة عن مد لكل يوم، لقوله تعالى: { وعلى الذين يطيقونه فدية}. الثاني: أن الكفارة مستحبة غير واجبة وهو قول المزني، لأنه إفطار بعذر، فلم تجب فيه الكفارة، كإفطار المريض. الثالث: تجب على المرضع دون الحامل؛ لأن الحامل أرضعت؛ لمعنى فيها، فهي كالمريضة، والمرضع أفطرت؛ لمنفصل عنها، فوجب عليها الكفارة، وحكم الحامل حكم المرضع فيما تقدم. السادس: إنقاذ حيوان محترم أشرف على الهلاك بسبب غرق أو نحوه؛ كحرق، أو هدم، فيباح الفطر لمن ينقذ الحيوان المذكور، إن لحقه بسبب الصوم مشقة شديدة، حيث لا تحتمل عادة؛ ومثل إنقاذ الحيوان إنقاذ المال.
[2554]:- ينظر: تفسير القرطبي 2/ 186.
[2555]:- في ب: بالتبييت.
[2556]:- الحنفية يرون أن قصر العام على البعض إنما يكون، تخصيصا إذا كان بمستقبل مقارن، وأن غير المستقل ليس بتخصيص ولا نسخ، بل يسمى: استثناء وشرطا... الخ، وأن الإخراج بالمستقل المتراخي نسخ لا تخصيص، وأن العام قطعي الدلالة عندهم، فإذا كان من الكتاب أو السنة المتواترة، كان قطعي الثبوت والدلالة. موقف الأصوليين من حالتين، تجيء فيهما خطابات الشارع عامة وخاصة، في موضوع واحد، وهما في درجة واحدة، عُلِم تاريخهما أو جهل، ونتكلم عن حالة ثالثة فيها آية عامة، أو حديث متواتر كذلك عارض العموم فيهما خبر خاص من أخبار الآحاد. واعلم أنه لم يعلم خلاف بين الأصوليين في جواز تخصيص العام من الكتاب، أو السنة المتواترة، بالمستقل المقارن القطعي الثبوت؛ بأن كان كتابا أو سنة متواترة، إلا ما حكاه صاحب "إرشاد الفحول" وغيره؛ من مخالفة بعض الظاهرية في تخصيص الكتاب بالكتاب، وبعض الشافعية وأحمد في رواية، ومكحول في تخصيص السنة المتواترة بالكتاب. وقد ألحق الحنفية المشهورة بالمتواتر؛ قائلين: لأنه على رأي الجصاص ومن وافقه؛ من أنه يفيد علم اليقين فظاهر، وأما على رأي من يرى أنه يفيد علم الطمأنينة كـ"ابن أبان" ومن وافقه؛ فلأنه قريب من اليقين، والعام ليس بحيث يكفر جاحده، فهو قريب من الظن، وقد انعقد الإجماع على تخصيص عمومات الكتاب بالخبر المشهور؛ كقوله- عليه السلام-: "لا يرث القاتل شيئا" وقوله- صلى الله عليه وسلم-: "لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها". هكذا وجّه الحنفية رأيهم في إلحاق المشهور بالمتواتر، وبين أنه على رأي الجصاص ومن وافقه؛ من أنه يفيد علم اليقين، أنه يقوى على معارضة الكتاب والخبر المتواتر عندهم، أما على الرأي الثاني: فغير واضح ذلك منهم؛ لأن غاية ما تفيده هذه الشهرة غلبة الظن، أي: ظنا أقوى مما يفيده خبر الواحد، ولا يصل بالخبر إلى درجة القطع، وإذا فكيف ينتهض الظني معارضا للقطعي. ولعل الحامل للحنيفية على تلك المحاولة التي أبدوها في الخبر المشهور، وأنه ملحق بالمتواتر- ذهابهم إلى منع تخصيص القرآن بأخبار الآحاد؛ فإنهم لما وجدوا كثيرا من الأحاديث انعقد الإجماع على تخصيص القرآن بها، فتحوا باب الشهرة واسعا، واعترفوا بتخصيصه، وراحوا يدّعون الشهرة في كثير من الأحاديث؛ راجين من وراء ذلك دفع ما يعود على أصلهم بالبطلان، وقد أفرطوا في ادعاء الشهرة حتى ادعاها بعضهم في أحاديث لم يثبت رفعها؛ فضلا عن شهرتها، فعلوا ذلك في حديث: "أخروهن من حيث أخرهن الله" فأثبتوا بذلك فرضا على الرجل، وهو تأخير المرأة عنه في صلاته، حتى إذا لم يفعل وحاذته المرأة فيها- فسدت صلاته. وها هو ذا الكمال ابن الهمام- وهو حنيفي له مكانة بين الأحناف- يقول في "فتح القدير"- تعليقا على قول شارح الهداية: "إن الحديث من المشاهير": إنه لم يثبت رفعه فضلا عن كونه من المشاهير، وإنما هو في مسند عبد الرزاق موقوف على ابن مسعود الخ ما قال. فعلوا ذلك أيضا في حديث: "لا مكاح إلا بشهود" جاء في العناية على الهداية: "وأما اشتراط الشهادة؛ فلقوله عليه السلام: "لا نكاح إلا بشهود"، واعترض بأنه خبر واحد، فلا يجوز تخصيص قوله تعالى: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء" به، وأجاب فخر الإسلام: بأن هذا حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول، فتجوز الزيادة على الكتاب" وعلق ابن الهمام على ذلك: بأن ابن حبان روى من حديث عائشة أنه-صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك، فهو باطل، فإن تشاجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له" قال ابن حبان: لا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا، وشتان ما بين هذا وبين قول فخر الإسلام: إن حديث الشهود مشهور يجوز تخصيص الكتاب به. هذا، ولما كان الكلام في هذا التفصل يتعلق بخبر الواحد الذي يعارض مع العام من الكتاب، أو السنة المتواترة، وهل يجوز تخصيص ذلك به أو لا؟ وكان هناك قوم ينكرون وجوب العمل بخبر الواحد، مطلقا- كان ولا بد من التنبيه قبل حكاية المذاهب في هذا المقام؛ على أن الخلاف هنا بين الذي يرون حجيته على ما هو التحقيق؛ إذ لا إشكال بين الأصوليين في عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد، على رأي من يقول: بأنه ليس بحجة. وللأصوليين في جواز تخصيص الكتاب، أو السنة المتواترة بأخبار الآحاد أقوال: القول الأول، وهو المختار في كتب الحنفية: أنه لا يجوز تخصيص الكتاب أو السنة المتواترة بأخبار الآحاد، ما لم يخصا بقطعي دلالة وثبوتا. وقد بنى الكمال وشارحه التيسير على أن محل الكلام عند الحنفية- وجليّ أن مراده المشترطين للمقارنة منهم؛ لأن غير المشترطين لا يحتاجون إلى مثل هذا الغرض- ما لو فرض نقل الراوي أن الخبر قارن نزول الكتاب؛ بأن يروي أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قرن بتلاوة الكتاب كلاما دالا على خروج بعض أفراد الكلام العام، وأنه لم يعلم خلاف بينهم في عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد؛ كما اختلفوا في قطعية العام. وأوضح أن التنبيه على الأول؛ من أجل أن أكثر الحنفية يشترطون المقارنة في المخصص الأول، فلا بد إذا من معرفة تلط المقارنة- وطريقها ما ذكر-، ثم الكلام بعد ذلك في كونه مخصصا أولا؛ إذ لو لأم يظهر ذلك، لتوهم أن المنع من التخصيص بناء على فقدان الشرط، وليس كذلك، وعلى الثاني؛ لدفع ما قد يتوهم أن من يرى ظنية العام من الحنفية، يرى التخصيص بخبر الواحد؛ كما هو مذهب غيرهم من الظنيين، فنبه على أن لا خلاف بينهم في عدم الجواز. هذا ما يؤخذ من كتب المتأخرين منهم، وبالرجوع إلى ما قاله المتقدمون، نرى أن أبا بكر الجصّاص يذكر في أصوله: أن تخصيص عموم القرآن والسنة الثابتة بخبر الواحد، يجب أن يراعى فيه أن ما كان من ذاك ظاهر المعنى بين المراد، غير مفتقر إلى البيان، ولم يثبت خصوصه بالاتفاق؛ فإنه لا يجوز تخصيصه بخبر الواحد، وما كان من ظاهر القرآن أو السنة الثابتة- قد ثبت خصوصه باتفاق؛ أو كان في اللفظ احتمال للمعاني؛ أو اختلف السلف في معناه، وسوغوا الاختلاف فيه، وترك الظاهر بالاجتهاد؛ أو كان اللفظ في نفسه مجملا مفتقرا إلى البيان؛ فإن خبر الواحد مقبول في تخصيصه والمراد به، ثم قال: وهذا عندي مذهب أصحابنا، وعليه مدار أصول
[2557]:- انظر: البحر المحيط 2/39.
[2558]:- ينظر: الإملاء لأبي البقاء 1/80.
[2559]:- ينظر: الكتاب لسيبويه 2/14.
[2560]:- سقط في ب.
[2561]:- ينظر: البحر المحيط 402، الدر المصون 1/461.
[2562]:- أخرجه الطبري بمعناه 3/ 427 عن ابن عباس.
[2563]:- أخرجه البخاري (3/77) كتاب الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ظلل عليه (1946) ومسلم (3/142) وأبو داود (2407) والنسائي (1/315) والدارمي (2/9) والطحاوي (1/329) والطبري في "تفسيره" (3/473) وابن خزيمة (2017) وابن الجارود (399) والبيهقي (4/ 242) عن كعب بن عاصم الأشعري. وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه. وأخرجه ابن ماجه (1665) وابن حبان (912) عن ابن عمر.
[2564]:- ينظر: تفسير الفخر الرازي 5/ 66.
[2565]:- - ينظر: تفسير الفخر الرازي 5/66
[2566]:- ينظر: تفسير الفخر الرازي 5/66.
[2567]:- ينظر: تفسير الفخر الرازي 5/66.
[2568]:- أخرجه البخاري (3/76) كتاب الصوم باب الصوم في السفر (1943) ومسلم كتاب الصيام (103) والنسائي (4/185-1/186) وأبو داود (2402) والترمذي (711) وابن ماجه (1/510) رقم (1662) والدارمي (2/8-9) وابن خزيمة (2028) وابن الجارود (397) والطحاوي (1/333) والبيهقي (4/243) وأحمد (6/46) والطبراني (3/167) وعبد الرزاق (4502، 4503) وابن عبد البر في "التمهيد" (9/67) والطيالسي (907- منحة) والطبراني في "الصغير: (1/242) والحميدي (199) وابن عساكر (4/450) من طرق عن هشام عن أبيه عن عائشة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[2569]:- أخرجه بهذا اللفظ ابن حبان (914- زوائده) والبزار (1/469) رقم (990) والبيهقي (3/140) والطبراني في "الكبير" (32311) رقم (11880) وأبو نعيم في "الحلية" (6/276) من حديث ابن عمر. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/162) وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير ورجال البزار ثقات وكذلك رجال الطبراني. وأخرجه الطبراني (11881) وابن حبان (354) من حديث ابن عباس. وأخرجه الطبراتي (10030) وفي الأوسط (1/136-مجمع البحرين) والعقيلي (4/207) وأبو نعيم (2/101) وابن عدي (6/2363) من حديث عبد الله بن مسعود. وأخرجه أحمد (2/108) والبزار (988) وابن حبان (545) والبيهقي (3/ 140) والقضاعي في "مسند الشهاب" (1078) عن ابن عمر بلفظ: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تترك معاصيه.
[2570]:- ينظر: تفسير الفخر الرازي5/67.
[2571]:- ذكره الرازي في تفسيره 5/ 67.
[2572]:- انظر: الشواذ 11، والمحرر الوجيز 1/252، والبحر المحيط 2/41، والدر المصون 1/ 462.
[2573]:- انظر: المحرر الوجيز 1/ 252، والبحر المحيط 2/41، والدر المصون 1/ 462.
[2574]:- السابق.
[2575]:- ينظر: المحرر الوجيز 1/252.
[2576]:- ينظر: شواهد الكتاب 3/105، والدر المصون 1/ 462.
[2577]:- ينظر: البحر المحيط 2/42، والدر المصون1 /462.
[2578]:- البيت لامرئ القيس. ينظر: ديوانه (125)، شواهد الكتاب 3/ 504، وأوضح المسالك (1/ 163، والخصائص 2/ 284 والدرر 2/42، والدر المصون 1/ 462.
[2579]:- ينظر: معاني القرآن للفراء 1/112.
[2580]:- انظر قراءة نافع وابن ذكوان في: الكشف 1/282، والسبعة 176، والحجة 2/273، وحجة القراءات 124، وشرح شعلة 284، 285، وشرح الطيبة 4/91، وإتحاف 1/430، والعنوان 73.
[2581]:- ينظر: الإملاء لأبي البقاء 1/81.
[2582]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.
[2583]:- سقط في ب.
[2584]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.
[2585]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.
[2586]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.
[2587]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.
[2588]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.
[2589]:-ينظر: تفسير الفخر الرازي 5/70.
[2590]:-ينظر: تفسير الفخر الرازي 5/70.
[2591]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.
[2592]:- ينظر: تفسير البغوي 1/150.