لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ وَنُقَلِّبُهُمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِۖ وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِۚ لَوِ ٱطَّلَعۡتَ عَلَيۡهِمۡ لَوَلَّيۡتَ مِنۡهُمۡ فِرَارٗا وَلَمُلِئۡتَ مِنۡهُمۡ رُعۡبٗا} (18)

قوله سبحانه وتعالى : { وتحسبهم } خطاب لكل أحد { أيقاظاً } أي منتبهين لأن أعينهم مفتحة { وهم رقود } أي نيام { ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال } قال ابن عباس : كانوا يقلبون في السنة مرة من جانب إلى جانب لئلا تأكل الأرض لحومهم ، قيل كانوا يقلبون في عاشوراء وقيل كانوا لهم في السنة تقلبتان { وكلبهم باسط ذراعيه } قال ابن عباس : كان كلباً أغر وعنه أنه كان فوق القلطي ودون الكرزي . والقلطي كلب صيني وقيل كان أصفر وقيل كان شديد الصفرة يضرب إلى حمرة ، وقال ابن عباس : كان اسمه قطمير وقيل ريان وقيل صهبان قيل ليس في الجنة دواب سوى كلب أصحاب الكهف وحمار بلعام { بالوصيد } أي فناء الكهف ، وقيل عتبة الباب وكان الكلب قد بسط ذراعيه وجعل وجهه عليهم ، قيل كان ينقلب مع أصحابه فإذا انقلبوا ذات اليمين كسر الكلب أذنه اليمنى ورقد عليها ، وإذا انقلبوا ذات الشمال كسر أذنه اليسرى ورقد عليها { لو اطلعت عليهم } يا محمد { لوليت منهم فراراً } وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة حتى لا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله فيوقظهم الله من رقدتهم { ولملئت منهم رعباً } أي خوفاً من وحشة المكان . وقيل لأن أعينهم مفتحة كالمتيقظ الذي يريد أن يتكلم وهم نيام وقيل لكثرة شعورهم ، وطول أظافرهم ولتقلبهم من غير حس ولا إشعار وقيل إن الله سبحانه وتعالى منعهم بالرعب لئلا يراهم أحد . قال ابن عباس : غزونا مع معاوية نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف فقال معاوية : لو كشف الله عن هؤلاء لنظرنا إليهم ، فقال ابن عباس : قد منع ذلك من هو خير منك فقيل له لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً . فبعث معاوية ناساً فقال اذهبوا فانظروا ، فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحاً فأحرقهم .