اليقظ المتنبه وجمعه أيقاظ كعضد وأعضاد ، ويقاظ كرجل ورجال ورجل يقظان وامرأة يقظى . الرقاد معروف وسمي به علماً . الوصيد الفناء . وقيل : العتبة . وقيل : الباب . قال الشاعر :
بأرض فضاء لا يسد وصيدها *** عليّ ومعروفي بها غير منكر
والخطاب في { وتحسبهم } وفي { وترى الشمس } لمن قدر له أنه يطلع عليهم .
قيل : كانوا مفتحة أعينهم وهم نيام فيحسبهم الناظر منتبهين .
قال أبو محمد بن عطية : ويحتمل أن يحسب الرائي ذلك لشدّة الحفظ الذي كان عليهم وقلة التغيير ، وذلك أن الغالب على النوام أن يكون لهم استرخاء وهيئات تقتضي النوم ، فيحسبه الرائي يقظان وإن كان مسدود العينين ، ولو صح فتح أعينهم بسند يقطع العذر كان أبين في أن يحسب عليهم التيقظ ، والظاهر أن قوله { وتحسبهم أيقاظاً } إخبار مستأنف وليس على تقدير .
وقيل : في الكلام حذف تقديره لو رأيتهم لحسبتهم { أيقاظاً } .
والظاهر أن قوله { ونقلبهم } خبر مستأنف .
وقيل : إنما وقع الحسبان من جهة تقلبهم ، ولاسيما إذا كان من اليمين إلى الشمال ومن الشمال إلى اليمين وفي قراءة الجمهور { ونقلبهم } بالنون مزيد اعتناء الله بهم حيث أسند التقليب إليه تعالى ، وأنه هو الفاعل ذلك .
وحكى الزمخشري أنه قرئ ويقلبهم بالياء مشدّداً أي يقلبهم الله .
وقرأ الحسن فيما حكى الأهوازي في الإقناع : ويقلبهم بياء مفتوحة ساكنة القاف مخففة اللام .
وقرأ الحسن فيما حكى ابن جنيّ : وتقلبهم مصدر تقلب منصوباً ، وقال : هذا نصب بفعل مقدر كأنه قال : وترى أو تشاهد تقلبهم ، وعنه أيضاً أنه قرأ كذلك إلاّ أنه ضم الياء فهو مصدر مرتفع بالابتداء قاله أبو حاتم ، وذكر هذه القراءة ابن خالويه عن اليماني .
وذكر أن عكرمة قرأ وتقلبهم بالتاء باثنتين من فوق مضارع قلب مخففاً .
قيل : والفائدة في تقليبهم في الجهتين لئلا تُبلي الأرض ثيابهم وتأكل لحومهم ، فيعتقدوا أنهم ماتوا وهذا فيه بعد ، فإن الله الذي قدر على أن يبقيهم أحياء تلك المدة الطويلة هو قادر على حفظ أجسامهم وثيابهم .
وعن ابن عباس : لو مستهم الشمس لأحرقتهم ، ولولا التقليب لأكلتهم الأرض انتهى .
و { ذات } بمعنى صاحبة أي جهة { ذات اليمين } .
ونقل المفسرون الخلاف في أوقات تقليبهم وفي عدد التقليبات ، عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وقتادة ، ومجاهد ، وابن عياض بأقوال متعارضة متناقضة ضربنا عن نقلها صفحاً وكذلك لم نتعرض لاسم كلبهم ولا لكونه كلب زرع أو غيره ، لأن مثل العدد والوصف والتسمية لا يدرك بالعقل وإنما يدرك بالسمع ، والسمع لا يكون في مثل هذا إلاّ عن الأنبياء أو الكتب الإلهية ، ويستحيل ورود هذا الاختلاف عنها .
والظاهر أن قوله { وكلبهم } أريد به الحيوان المعروف ، وأبعد من ذهب إلى أنه أسد ، وأبعد من ذلك قول من ذهب إلى أنه رجل طباخ لهم تبعهم ، أو أحدهم قعد عند الباب طليعة لهم .
وحكى أبو عمر والزاهد غلام ثعلب أنه قرئ وكالئهم اسم فاعل من كلأ إذا حفظ ، فينبغي أن يحمل على أنه الكلب لحفظه للإنسان .
قيل : ويحتمل أن يراد بالكالئ الرجل على ما روي إذ بسط الذراعين واللصوق بالأرض مع رفع الوجه للتطلع هي هيئة الريئة المستخفي بنفسه .
وقرأ أبو جعفر الصادق : وكالبهم بالباء بواحدة أي صاحب كلبهم ، كما تقول لابن وتامر أي صاحب لبن وتمر .
وقال الزمخشري : { باسط ذراعيه } حكاية حال ماضية ، لأن اسم الفاعل لا يعمل إذا كان في معنى المضي ، وإضافته إذا أضيف حقيقة معرفة كغلام زيد إلاّ إذا نويت حكاية الحال الماضية انتهى .
وقوله لأن اسم الفاعل لا يعمل إذا كان في معنى المضي ليس إجماعاً ، بل ذهب الكسائي وهشام ، ومن أصحابنا أبو جعفر بن مضاء إلى أنه يجوز أن يعمل ، وحجج الفريقين مذكورة في علم النحو .
والوصيد قال ابن عباس : الباب .
وعنه أيضاً وعن مجاهد وابن جبير : الفناء .
والخطاب في { لو اطلعت } لمن هو له في قوله { وترى الشمس } { وتحسبهم أيقاظاً } .
وقرأ ابن وثاب والأعمش : { لو اطلعت } بضم الواو وصلاً .
وقرأ الجمهور : بكسرها ، وقد ذكر ضمها عن شيبة وأبي جعفر ونافع وتملية الرعب لما ألقى الله عليهم من الهيبة والجلال ، فمن رام الإطلاع عليهم أدركته تلك الهيبة .
ومعنى { لوليت منهم } أعرضت بوجهك عنهم .
وأوليتهم كشحك ، وانتصب { فراراً } على المصدر إما لفررت محذوفة ، وإما { لوليت } لأنه بمعنى لفررت ، وإما مفعولاً من أجله .
وانتصب { رعباً } على أنه مفعول ثان ، وأبعد من ذهب إلى أنه تمييز منقول من المفعول كقوله { وفجرنا الأرض عيوناً } على مذهب من أجاز نقل التمييز من المفعول ، لأنك لو سلطت عليه الفعل ما تعدى إليه تعدي المفعول به ، بخلاف ، { وفجرنا الأرض عيوناً } وقيل : سبب الرعب طول شعورهم وأظفارهم وصفرة وجوههم وتغيير أطمارهم .
وقيل : لإظلام المكان وإيحاشه ، وليس هذان القولان بشيء لأنهم لو كانوا بتلك الصفة أنكروا أحوالهم ولم يقولوا { لبثنا يوماً أو بعض يوم } ولأن الذي بعث إلى المدينة لم ينكر إلاّ العالم والبناء لا حاله في نفسه ، ولأنهم بحالة حسنة بحيث لا يفرق الرائي بينهم وبين الأيقاظ { وهم في فجوة } تتخرقه الرياح والمكان الذي بهذه الصورة لا يكون موحشاً .
وقرأ ابن عباس ، والحرميان ، وأبو حيوة ، وابن أبي عبلة بتشديد اللام والهمزة .
وقرأ باقي السبعة بتخفيف اللام والهمزة .
وقرأ أبو جعفر وشيبة بتشديد اللام وإبدال الياء من الهمزة .
وقرأ الزهري بتخفيف اللام والإبدال ، وتقدم الخلاف في { رعباً } في آل عمران .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.