مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ وَنُقَلِّبُهُمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِۖ وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِۚ لَوِ ٱطَّلَعۡتَ عَلَيۡهِمۡ لَوَلَّيۡتَ مِنۡهُمۡ فِرَارٗا وَلَمُلِئۡتَ مِنۡهُمۡ رُعۡبٗا} (18)

{ وَتَحْسَبُهُمْ } بفتح السين : شامي وحمزة وعاصم غير الأعشى ، وهو خطاب لكل أحد { أَيْقَاظًا } جمع يقظ { وَهُمْ رُقُودٌ } نيام . قيل : عيونهم مفتحة وهم نيام فيحسبهم الناظر لذلك أيقاظاً { وَنُقَلّبُهُمْ ذَاتَ اليمين وَذَاتَ الشمال } قيل : لهم تقلّبتان في السنة . وقيل : تقلبة واحدة في يوم عاشوراء { وَكَلْبُهُمْ باسط ذِرَاعَيْهِ } حكاية حال ماضية لأن اسم الفاعل لا يعمل إذا كان في معنى المضي { بالوصيد } بالفناء أو بالعتبة { لَوِ اطلعت عَلَيْهِمْ } لو أشرفت عليهم فنظرت إليهم { لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ } لأعرضت عنهم وهربت منهم { فِرَاراً } منصوب على المصدر لأن معنى { وليت منهم } فررت منهم { وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ } ويتشديد اللام : حجازي للمبالغة { رُعْبًا } تمييز . وبضم العين : شامي وعلي ، وهو الخوف الذي يرعب الصدر أي يملؤه وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة أو لطول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم . وعن معاوية أنه غزا الروم فمر بالكهف فقال : أريد أن أدخل فقال ابن عباس رضي الله عنهما : لقد قيل لمن هو خير منك { لوليت منهم فراراً } فدخلت جماعة بأمره فأحرقتهم ريح .