الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ وَنُقَلِّبُهُمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِۖ وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِۚ لَوِ ٱطَّلَعۡتَ عَلَيۡهِمۡ لَوَلَّيۡتَ مِنۡهُمۡ فِرَارٗا وَلَمُلِئۡتَ مِنۡهُمۡ رُعۡبٗا} (18)

{ وَتَحْسَبُهُمْ } بكسر السين وفتحها : خطاب لكل أحد والأيقاظ : جمع يقظ ، كأنكاد في نكد . قيل : عيونهم مفتحة وهم نيام ، فيحسبهم الناظر لذلك أيقاظاً وقيل : لكثرة تقلبهم وقيل : لهم تقلبتان في السنة وقيل : تقلبة واحدة في يوم عاشوراء . وقرىء «ويقلبهم » بالياء والضمير لله تعالى . وقرىء «وتقلبهم » على المصدر منصوباً ، وانتصابه بفعل مضمر يدل عليه { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا } كأنه قيل : وترى وتشاهد تقلبهم . وقرأ جعفر الصادق «وكالبهم » أي وصاحب كلبهم { باسط ذِرَاعَيْهِ } حكاية حال ماضية ؛ لأنّ اسم الفاعل لا يعمل إذا كان في معنى المضي ، وإضافته إذا أضيف حقيقية معرفة ، كغلام زيد ، إلا إذا نويت حكاية الحال الماضية . والوصيد : الفناء ، وقيل : العتبة . وقيل : الباب . وأنشد :

بِأَرْضٍ فَضَاء لاَ يُسَدُّ وَصِيدُهَا *** عَلَىَّ وَمَعْرُوفِي بِهَا غَيْرُ مُنْكَرِ

وقرىء «ولملئت » بتشديد اللام للمبالغة . وقرىء «بتخفيف الهمزة وقلبها ياء » . و { رُعْبًا } بالتخفيف والتثقيل ، وهو الخوف الذي يرعب الصدر أي يملؤه ، وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة . وقيل : لطول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم . وقيل : لوحشة مكانهم . وعن معاوية أنه غزا الروم فمرّ بالكهف فقال : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم ، فقال له ابن عباس رضي الله عنه : ليس لك ذلك ، قد منع الله تعالى منه من هو خير منك فقال : { لَوِ اطلعت عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا } فقال معاوية ، لا أنتهي حتى أعلم علمهم ، فبعث ناساً وقال لهم : اذهبوا فانظروا ، ففعلوا ، فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحاً فأحرقتهم . وقرىء : «لوُ اطلعت » ، بضم الواو .