غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ وَنُقَلِّبُهُمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِۖ وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِۚ لَوِ ٱطَّلَعۡتَ عَلَيۡهِمۡ لَوَلَّيۡتَ مِنۡهُمۡ فِرَارٗا وَلَمُلِئۡتَ مِنۡهُمۡ رُعۡبٗا} (18)

1

ثم حكى طرفاً آخر من غرائب أحوالهم فقال { وتحسبهم أيقاظاً } هي جمع يقظ بكسر القاف كأنكاد في جمع نكد { وهم رقود } جمع راقد كقعود في قاعد . واستبعده في التفسير الكبير . وقيل : عيونهم مفتحة وهم نيام فيحسبهم الناظر لذلك أيقاظاً . وقال الزجاج : لكثرة تقلبهم . وقيل : لهم تقلبتان في السنة . وقيل : تقلبة واحدة في يوم عاشوراء . وعن مجاهد : يمكثون رقوداً على أيمانهم سبع سنين ثم يقلبون على شمائلهم فيمكثون رقوداً سبع سنين ، وفائدة تقلبهم ظاهرة وهي أن لا تأكل لحومهم الأرض . قال ابن عباس : وتعجب منه الإمام فخر الدين قال : وإن الله تعالى قادر على حفظهم من غير تقليب . وأقول : لا ريب في قدرة الله تعالى ولكن الوسائط معتبرة في أغلب الأحوال { وكلبهم باسط } حكاية الحال الماضية ولهذا عمل في المفعول به . والوصيد الفناء وقيل العتبة أو الباب . قال السدي : الكهف لا يكون له عتبة ولا باب وإنما أراد أن الكلب منه موضع العتبة من البيت . عن ابن عباس : هربوا ليلاً من ملكهم فمروا براع معه كلب فتبعهم على دينهم ومعه كلبه . وقال كعب : مروا بكلب فنبح عليهم فطردوه فعاد ففعلوا ذلك ثلاث مرات فقال لهم الكلب : ما تريدون مني أنا أحب أحباء الله فناموا حتى أحرسكم . وقال عبيد بن عمرو : كان ذلك كلب صيدهم والاطلاع على الشيء الإشراف عليه . قال الزجاج قوله { فراراً } منصوب على المصدر لأنه بمعنى التولية . وسبب الرعب هيبة ألبسهم الله إياهم . وقيل طول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم ووحشة مكانهم منه يحكى أن معاوية غزا الروم فقال : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم فقال له ابن عباس : ليس لك ذلك قد منع الله منه من هو خير منك ؟ فقال : { لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً } فقال معاوية : لا أنتهي حتى أعلم علمهم فبعث ناساً فقال لهم : اذهبوا فانظروا ففعلوا ، فلما دخلوا الكهف بعث الله ريحاً فأخرجتهم .

/خ26