لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَكُلِي وَٱشۡرَبِي وَقَرِّي عَيۡنٗاۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدٗا فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيّٗا} (26)

{ فكلي واشربي } أي مريم كلي من الرطب واشربي من النهر { وقري عيناً } أي طيبي نفساً ، وقيل قري عيناً بولدك عيسى ، يقال أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما يرضيك فتقر عينيك عن النظر إلى غيره { فإما ترين من البشر أحداً } معناه يسألك عن ولدك { فقولي إني نذرت للرحمن صوماً } أي صمتاً ، قيل كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام فلا يتكلم حتى يمسي ، وقيل إن الله أمرها أن تقول هذا إشارة وقيل أمرها أن تقول هذا القول نطقاً ثم تمسك عن الكلام بعده وإنما منعت من الكلام لأمرين أحدهما : أن يكون عيسى عليه السلام هو المتكلم عنها ليكون أقوى لحجتها في إزالة التهمة عنها وفيه دلالة على أن تفويض الكلام إلى الأفضل أولى . الثاني : كراهة مجادلة السفهاء وفيه أن السكوت عن السفيه واجب { فلن أكلم اليوم إنسياً } يقال إنها كانت تكلم الملائكة ولا تكلم الإنس .