لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (4)

قوله : { والذين يرمون } أي يقذفون بالزنا { المحصنات } يعني المسلمات الحرائر العفائف { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } أي يشهدون على الزنا { فاجلدوهم ثمانين جلدة } بيان حكم الآية أن من قذف محصناً أو محصنة بالزنا فقال له : يا زاني أو يا زانية أو زنيت فيجب عليه جلد ثمانين إن كان القاذف حراً وإن كان عبداً يجلد أربعين وإن كان المقذوف غير محصن فعلى القاذف التعزير . وشرائط الإحصان خمسة الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والعفة من الزنا حتى لو زنا في عمره مرة واحدة ثم تاب وحسنت توبته بعد ذلك ثم قذفه قاذف فلا حد عليه فإن أقر المقذوف على نفسه بالزنا أو أقام القاذف أربعة يشهدون عليه بالزنا سقط الحد عن القاذف لأن الحد إنما وجب عليه لأجل الفرية . وقد ثبت صدقه وأما الكنايات مثل أن يقول يا فاسق أو يا فاجر أو يا خبيث أو يا مؤاجر أو قال امرأتي لا ترد يد لامس فهذا ونحوه لا يكون قذفاً إلا أن يريد ذلك . وأما التعريض مثل أن يقول أما أنا فما زنيت أو ليست امرأتي زانية فليس بقذف عند الشافعي وأبي حنيفة . وقال مالك يجب فيه الحد وقال أحمد هو قذف في حال الغضب دون حال الرضا . قوله تعالى { ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون } فيه دليل على أنّ القذف من الكبائر لأن اسم الفاسق لا يقع إلا على صاحب كبيرة .