{ والذين يرمون المحصنات } يعنى نساء المؤمنين بالزنا { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } من الرجال على قولهم { فاجلدوهم ثمانين جلدة } يجلد بين الضربين على ثيابه { ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا } ما دام حيا { وأولئك هم الفاسقون } آية ، يعنى العاصين في مقالتهم .
ثم استثنى ، فقال : { إلا الذين تابوا من بعد ذلك } يعنى بعد الرمي { وأصلحوا } العمل فليسوا بفساق { فإن الله غفور } لقذفهم { رحيم } آية ، بهم فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هاتين الآيتين في خطبة يوم الجمعة ، فقال عاصم بن عدي الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم : جعلني الله فداك ، لو أن رجلا منا وجد على بطن امرأته رجلا ، فتكلم جلد ثمانين جلدة ، ولا تقبل له شهادة في المسلمين أبدا ، ويسميه المسلمون فاسقا ، فكيف لأحدنا عند ذلك بأربعة شهداء ، إلى أن تلتمس أحدنا أربعة شهداء فقد فرغ الرجل من حاجته ، فأنزل الله عز وجل في قوله : { والذين يرمون أزواجهم } بالزنا { ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم } يعنى الزوج { أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين } آية ، إلى ثلاث آيات ، فابتلى الله ، عز وجل ، عاصما بذلك في يوم الجمعة الأخرى ، فأتاه ابن عمه عويمر الأنصاري من بني العجلان بن عمرو بن عوف ، وتحته ابنة عمه أخي أبيه ، فرماها بابن عمه شريك بن السحماء ، والخليل والزوج والمرأة كلهم من بني عمرو بن عوف ، وكلهم بنو عم عاصم ، فقال : يا عاصم ، لقد رأيت شريكا على بطن امرأتي : فاسترجع عاصم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت سؤالي عن هذه والذين يرمون أزواجهم ، فقد ابتليت بها في أهل بيتي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "وما ذاك يا عاصم" فقال : أتاني ابن عمي فأخبرني أنه وجد ابن عم لنا على بطن امرأته ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزوج والخليل والمرأة ، فأتوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها عويمر : "ويحك اتق الله ، عز وجل ، في خليلتك وابنة عمك أن تقذفها بالزنا" . فقال الزوج : أقسم لك بالله ، عز وجل ، إني رأيته معها على بطنها ، وإنها لحبلى منه ، وما قربتها منذ أربعة أشهر .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة -خولة بنت قيس الأنصارية- : "ويحك ما يقول زوجك" ، قالت : أحلف بالله إنه لكاذب ، ولكنه غار ، ولقد رآني معه نطيل السمر بالليل ، والجلوس بالنهار ، فما رأيت ذلك في وجهه ، وما نهاني عنه قط ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للخليل : "ويحك ما يقول ابن عمك" فحدثه مثل قولها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزوج والمرأة : "قوما فأحلفا بالله ، عز وجل" فقام الزوج عند المنبر دبر صلاة العصر يوم الجمعة ، وهو عويمر بن أمية ، فقال : أشهد بالله أن فلانة زانية ، يعنى امرأته خولة ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال الثانية : أشهد بالله أن فلانة زانية ، ولقد رأيت شريكا على بطنها ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال الثالثة : أشهد بالله أن فلانة زانية ، وأنها لحبلى من غيري ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الرابعة : أشهد بالله أن فلانة زانية ، وما قربتها منذ أربعة أشهر ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال الخامسة : لعنة الله على عويمر ، إن كان من الكاذبين عليها في قوله : { والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين } آية .
ثم قامت خولة بنت قيس الأنصاري مقام زوجها ، فقالت : أشهد بالله ما أنا بزانية وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الثانية : أشهد بالله ما أنا بزانية ، وما رأى شريكا على بطني ، وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الثالثة : أشهد بالله ما أنا بزانية ، وإني لحبلى منه وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت الرابعة : أشهد بالله ما أنا بزانية ، وما رأى على من ريبة ولا فاحشة ، وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الخامسة : غضب الله على خولة إن كان عويمرا من الصادقين في قوله : ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما .
فذلك قوله عز وجل : { ويدرؤا عنها العذاب } يقول : يدفع عنها الحد لشهادتها بعد { أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } { والخامسة أن غضب الله عليها إن كان } زوجها { من الصادقين } آية ، في قوله ، وكان الخليل رجلا أسود ابن حبشية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا ولدت فلا ترضع ولدها حتى تأتوني به" ، فأتوه بولدها فإذا هو أشبه الناس بالخليل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لوللا الإيمان ، لكان لي فيهما أمر" .
والمتلاعنان يفترقان فلا يجتمعان أبدا ، وإن صدقت زوجها لم يتلاعنا ، فإن كان زوجها جامعها بعد الدخول بها رجمت ويرثها زوجها ، وإن كان لم يجامعها جلدت مائة وهي امرأته ، وإن كان الزوج رجع عن قوله قبل أن يفرغا من الملاعنة جلد ثمانين جلدة وكانت امرأته كما هي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.