مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (4)

{ والذين يَرْمُونَ المحصنات } وبكسر الصاد : علي ؛ أي يقذفون بالزنا الحرائر والعفائف المسلمات المكلفات . والقذف يكون بالزنا وبغيره والمراد هنا قذفهن بالزنا بأن يقول يا زانية لذكر المحصنات عقيب الزواني ولاشتراط أربعة شهداء بقوله { ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء } أي ثم لم يأتوا بأربعة شهود يشهدون على الزنا لأن القذف بغير الزنا بأن يقول يا فاسق يا آكل الربا يكفي فيه شاهدان وعليه التعزير . وشروط إحصان القذف : الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والعفة عن الزنا . والمحصن كالمحصنة في وجوب حد القذف { فاجلدوهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً } إن كان القاذف حراً ، ونصب { ثمانين } نصب المصادر كما نصب { مائة جلدة } و { جلدة } نصب على التمييز { وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً } نكر شهادة في موضع النفي فتعم كل شهادة . ورد الشهادة من الحد عندنا ويتعلق باستيفاء الحد أو بعضه على ما عرف ، وعند الشافعي رحمه الله تعالى يتعلق رد شهادته بنفس القذف . فعندنا جزاء الشرط الذي هو الرمي الجلد ورد الشهادة على التأبيد وهو مدة حياتهم { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفاسقون } كلام مستأنف غير داخل في حيز جزاء الشرط كأنه حكاية حال الرامين عند الله تعالى بعد انقضاء الجملة الشرطية .