النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (4)

قوله : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ } يعني بالزنى .

{ ثُمَّ لَمْ يأتوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءِ } يعني ببينة على الزنى .

{ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } وهذا حد أوجبه الله على القاذف للمقذوفة يجب بطلبها ويسقط بعفوها وفيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه من حقوق الآدميين لوجوبه بالطلب وسقوطه بالعفو وهذا مذهب الشافعي .

الثاني : من حقوق الله لأنه لا ينتقل إلى مال ، وهذا مذهب أبي حنيفة .

الثالث : أنه من الحقوق المشتركة بين حق الله وحق الآدميين لتمازج الحقين . وهذا مذهب بعض المتأخرين .

ولا يكمل حد القذف بعد البلوغ والعقل إلى بحريتهما وإسلام المقذوف وعفافه ، فإن كان المقذوف كافراً أو عبداً عُزِّر قاذفه ولم يحد ، وإن كان القاذف كافراً حُدّ حدّاً كاملاً ، وإن كان عبداً حُدّ نصف الحد .

{ وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلِئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } وهذا مما غلظ الله به القذف حتى علق به من التغليظ ثلاثة أحكام : وجوب الحد ، والتفسيق ، وسقوط الشهادة . ولم يجعل في القذف بغير الزنى حَدّاً لما في القذف بالزنى من تعدّي المعرّة إلى الأهل والنسل .