لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا} (134)

قوله تعالى : { من كان يريد ثواب الدنيا } يعني من كان يريد بعمله عرضاً من الدنيا نزلت في مشركي العرب وذلك أنهم كانوا يقرون بالله تعالى خالقهم ولا يقرون بالبعث يوم القيامة فكانوا يقربون إلى الله ليعطيهم من خير الدنيا ويصرف عنهم شرها وقيل نزلت في المنافقين لأنهم كانوا لا يصدقون بيوم القيامة ، وإنما كانوا يطلبون بجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عاجل الدنيا وهو ما ينالونه من الغنيمة { فعند الله ثواب الدنيا والآخرة } يعني الذين يطلبون بأعمالهم وجهادهم ثواب الدنيا وما ينالونه من الغنيمة مخطئون في قصدهم لأن الله عنده ثواب الدنيا وثواب الآخرة فلو كانوا عقلاء لطلبوا ثواب الآخرة حتى يحصل لهم ذلك ويحصل لهم ثواب الدنيا على سبيل التبعية والمعنى أن من أراد بعمله الدنيا آتاه الله منها ما أراد وصرف عنه من شرها ما أراد وليس له ثواب في الآخرة يجزى به ، ومن أراد بعمله وجه الله وثواب الآخرة فعند الله ثواب الدنيا والآخرة يؤتيه من الدنيا ما قدر له ويجزيه في الآخرة خير الجزاء { وكان الله سميعاً } يعني لأقوالهم وما يسرونه من طلب ثواب الدنيا { بصيراً } يعني بنياتهم وما في نفوسهم وقيل بصيراً بمن يطلب الدنيا بعمله وبمن طلب الآخرة بعمله .