التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا} (134)

قوله : ( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا ) . ذلك خطاب لهواة المتاع وطلاب الدنيا من مشركين ومنافقين وضعاف الإيمان . أولئك الذين يبتغون الدنيا وحدها ، ويسعون من أجلها سعيا كثيفا حثيثا ، ويكدحون في سبيل الشهوات ما يسبب لهم العناء والرهق . . .

إلى هؤلاء تعلن الآية أن الله عنده ثواب الدنيا والآخرة . وإذا أبى الناس إلا البغية والطلب فليبتغوا الدنيا والآخرة معا لا الدنيا وحدها . فابتغاء الدنيا من دون الآخرة معناه الحرمان الفادح من عطاء الله وفضله أو هو التخسير البئيس الذي يدنو دونه كل تخسير . وخير حال للمؤمن الصادق المخلص أن يدعو بمثل ما قالت الآية الكريمة عن عباد الله الصابرين الأطهار : ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) وقد جاء قوله هذا بعد قوله : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق ) .

وقوله : ( وكان الله سميعا بصيرا ) الله مطلع على أعمال الناس فلا يخفى عليه شيء . وما يفعل البشر من فعل ولا ينطقون من كلمة أو يشيرون من إشارة إلا كان الله رقيبا عليهم فهو يسمعهم ويراهم ويحيط علمه بهم وبما يستكن في دخائلهم من خبايا ومكنونات .