بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا} (134)

قوله تعالى : { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدنيا } يعني من كان يطلب الدنيا بعمله الذي يعمل ولا يريد به وجه الله ، فليعمل لآخرته كما قال : { فَعِندَ الله ثَوَابُ الدنيا والآخرة } يعني الرزق في الدنيا والثواب في الآخرة ، وهو الجنة . ويقال : في الآية مضمر فكأنه يقول : { من كان يريد ثواب الدنيا } نؤته منها ، { ومن يرد ثواب الآخرة } نؤته منها ، { فعند الله ثواب الدنيا والآخرة } . وقال الزجاج : كان المشركون مقرين بأن الله خالقهم ، وأنه يعطيهم خير الدنيا ، فأخبر الله تعالى أن خير الدنيا والآخرة إليه . وروي عن عيسى ابن مريم أنه قال للحواريين : أنتم لا تريدون الدنيا ولا الآخرة ، لأن الدنيا والآخرة لله تعالى ، فاعبدوه إما لأجل الدنيا وإما لأجل الآخرة . وروي في بعض الأخبار أن في جهنم وادياً تتعوذ منه جهنم ، أعد للقراء المرائين . ثم قال : { وَكَانَ الله سَمِيعاً بَصِيراً } يعني عالماً بنية كل واحد منهم . وروى سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « نِيَّةُ المُؤمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ ، وَعَمَلُ المُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ » وكان يعمل على نيته .