فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا} (134)

{ من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا } ربنا له الآخرة والأولى ، والذين غفلوا عن هذا أو عموا يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا : ( . . فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق )( {[1556]} ) ؛ والسعداء يقولون : ( . . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ( {[1557]} ) ، وطلاب العاجلة وإن أظفرهم الله ببعض متاعها لا حظ لهم في الآجلة ، فإن مولانا الحق يقول : ( . . ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) ( {[1558]} ) ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها قال : قاتلت فيك حتى استشهدت قال : كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما فعلت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله تعالى عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار " ، أما من ابتغى بعمله رضوان ربه فإن الله يجمع له سعادة الدارين : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ( {[1559]} ) . ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله . . ) ( {[1560]} ) كيف يرائي المرائي وأن الله سميع بما يهجس في خاطره ، وما تأمر به دواعيه ؟ ! بصير بأحواله كلها ظاهرها وباطنها فيجازيه على ذلك .


[1556]:سورة البقرة. من الآية 200.
[1557]:سورة البقرة. من الآية 201.
[1558]:سورة الشورى . من الآية 20.
[1559]:سورة النحل. الآية 97.
[1560]:سورة هود. من الآية 3.