صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

{ وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن . . . } أي واذكر لقومك إذ وجهنا إليك جماعة من الجن ، وكانوا من جن نصيبين من ديار بكر قرب الشام . أو من جن نينوى قرب الموصل . وكان عليه الصلاة والسلام يصلى بأصحابه صلاة الفجر بنخلة في طريق الطائف ، ببينها وبين مكة مسيرة ليلة ، ويقرأ سورة العلق – وقيل سورة الرحمان – فاستمعوا للقرآن ، ثم عادوا إلى قومهم منذرين . { فلما قضي } فرغ من التلاوة . وعن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشعر بهم في هذه الواقعة ، ولم يقصد إبلاغهم القرآن ، وإنما صادف حضورهم وقت قراءته ؛ ويؤيده ظاهر آية " قل أوحى إلي أنه استمع نفر من الجن " ، وهم المعنيون في هذه الآية . ولا يعارضه ما روي عن ابن مسعود من ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى الجن ، وإبلاغهم القرن وإنذارهم به ؛ فإنه في واقعة أخرى . بل دلت الأحاديث على أن وفادة الجن كانت ست مرات ، ولتعدد الوقائع اختلفت الروايات في عدد الجن الذين حضروا ، وفي المكان والزمان .

والمقصود من ذكر القصة : توبيخ كفار مكة ؛ إذ كفروا بالقرآن وجحدوا أنه من عند الله ، وهم أهل اللسان الذي نزل به القرآن ، ومع ذلك عجزوا عن معارضته ، ومن جنس الرسول الذي جاء به ؛ والجن – وهم ليسوا من أهل لسانه ، ولا من جنس الرسول – استمعوه وأنصتوا إليه ، وآمنوا به بمجرد سماعه . والنفر -بفتحتين- : ما بين الثلاثة والعشرة ، ويطلق على ما فوق العشرة إلى الأربعين .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

{ وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن } أي : أملناهم نحوك ، والنفر دون العشرة وروي : أن الجن كانوا سبعة وكانوا كلهم ذكرانا ، لأن النفر الرجال دون النساء ، وكانوا من أهل نصيبين ، وقيل : من أهل الجزيرة ، واختلف هل رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قيل : إنه لم يرهم ولم يعلم باستماعهم حتى أعلمه الله بذلك ، وقيل : بل علم بهم واستعد لهم واجتمع معهم ، وقد ورد في ذلك عن عبد الله ابن مسعود أحاديث مضطربة ، وسبب استماع الجن أنهم لما طردوا من استراق السمع من السماء برجم النجوم قالوا ما هذا إلا لأمر حدث فطافوا بالأرض ينظرون ما أوجب ذلك حتى سمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر في سوق عكاظ فاستمعوا إليه وآمنوا به .