الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَصِيبٞ} (77)

وقوله{[32901]} : { ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا } – إلى قوله – { شديد }[ 77-79 ] .

والمعنى : ولما جاءت الرسل لوطا ساءه ذلك ، ولم يعرفهم ، وخاف من قومه{[32902]} . { وضاق بهم ذرعا } : أي : ضاقت نفسه بهم لما يعلم من فسق قومه . فالضمير في ( بهم ) في الموضعين للرسل .

قال قتادة : قالت الرسل : لا تهلكهم حتى يشهد{[32903]} عليهم لوط{[32904]} ، قال : فأتوه ، وهو في أرض ( له ){[32905]} ، يعمل فيها ، فقالوا له : إنا متضيفوك الليلة . فانطلق بهم ، فلما مشى ، قال : أما بلغكم أمرهم ؟ قالوا : وما أمرهم ؟ قال{[32906]} : أشهد{[32907]} بالله إنها لشر قرية بالأرض عملا ، يقول{[32908]} ذلك أربع مرات{[32909]} .

وروي أنهم{[32910]} لقوه ، وهو يحطب ، فسلموا/ عليه ، فرد عليهم السلام ، ثم حمل حزمته{[32911]} ، ودعاهم إلى ضيافته . فلما دخل بهم المدينة ، مر بقوم فقالوا : هذا مع لوط حاجتنا ، قوموا بنا إليهم . فقال لوط : أشهد أنكم قوم سوء ، ثم مر بآخرين ، فقالوا : بمثل ذلك ، فشهد لوط عليهم بمثل ذلك ، ثم مر بآخرين ، فقالوا مثل ذلك ، فشهد عليهم لوط مثل ذلك . فقال جبريل لإسرافيل ، وميكائيل ، عليهم السلام : هذه ثلاث مرات شهد بها نبيهم عليهم{[32912]} .

وقال السدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم ، عليهم السلام{[32913]} ، نحو قرية لوط ، فأتوها نصف النهار ، فلما بلغوا نهر سَدُوم{[32914]} ، لقوا بنت لوط تستقي{[32915]} ، من الماء لأهلها ، فقالوا لها : يا جارية هل من منزل ؟ قالت : نعم ، مكانكم حتى آتيكم ، فرقت عليهم من قومها ، فأتت أباها ، فقالت : يا أبتاه : إن أدرك{[32916]} فتيانا على{[32917]} باب المدينة ، ما رأيت وجوه قوم هي أحسن منهم{[32918]} ، لئلا{[32919]} يأخذهم قومك فيفضحوهم{[32920]} وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا ، وقالوا : خل عنا نضيف الرجال ، فجاء بهم لوط{[32921]} ، ولم يعلم أحد{[32922]} إلا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته ، فأخبرت قومها ، وقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت قط مثلهم{[32923]} .


[32901]:ط: قوله.
[32902]:انظر هذا المعنى في: جامع البيان 15/407.
[32903]:ق: نشهد.
[32904]:ق: لوطا.
[32905]:ساقط من ق.
[32906]:ق: قالوا.
[32907]:ق: نشهد.
[32908]:ق: يقوله.
[32909]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/407.
[32910]:ق: أنه.
[32911]:ط: مطموس.
[32912]:وهو قول قتادة في: جامع البيان 15/429-430، وانظره مختصرا في: معاني الزجاج 3/60.
[32913]:ط: صم.
[32914]:ق: سروم.
[32915]:ق: تستقي.
[32916]:ق: يا فتاه إن أدراك.
[32917]:ق: عن.
[32918]:ط: منها.
[32919]:ق: لا. ط: إلا ولعل الصواب ما أثبت.
[32920]:ق: سيفضحونهم.
[32921]:ط: صم.
[32922]:ق: أحدهم.
[32923]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/409، والمحرر 9/194.