الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ يُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَآءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ} (2)

ثم قال تعالى {[35517]} : { الذي رفع السموات } الآية . المعنى : أنه أخبرنا تعالى ذكره أن من آياته رفع السماوات ، فجعلها سقفا للأرض { بغير عمد } مرئية ، فهي على عمد ، ولكنها لا ترى {[35518]} ، فيكون ( ترونها ) نعتا {[35519]} للعمد . والهاء والألف تعود على العمد ، هذا قول ابن عباس وعكرمة ، ( وهو قول مجاهد ) {[35520]} {[35521]} . وفي مصحف أبي ( ترونه ) {[35522]} ، رده على العمد . فهذا يدل على أن لها عمدا {[35523]} لا ترى . قال أبو محمد : وأقول إن عمدها القدرة فهي {[35524]} لا ترى {[35525]} .

قال ابن عباس : عمدها قاف الجبل الأخضر {[35526]} .

وقال قتادة : ليستعلى عمد ، بل خلقها عز وجل ، بغير عمد {[35527]} ، وهو {[35528]} أولى بظاهر النص ، وأعظم في القدرة ، ودل عليه قوله : { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا } {[35529]} : فهذا يدل على أنها على غير عمد يمسكها ، ولو كان لها عمد لم يمسكها العمد حتى يعتمد العمد على شيء آخر إلى ما لا نهاية له . فالقدرة نهاية ذلك كله . فيكون ( ترونها ) على هذا القول [ حا ] {[35530]}لا من السماوات {[35531]} : ( أي : خلق السماوات مرئية بغير عمد .

وتكون ( الهاء ) و( الألف ) تعود على السماوات ) {[35532]} ، فإذا رجع {[35533]} [ الضمير ] على العمد احتمل أن يكون المعنى : بغير عمد مرئية البتة ، فلا عمد لها . ويحتمل أن يكون المعنى : بغير ( عمد ) {[35534]} مرئية لكم : أي : لا ترون العمد . وثَمَّ {[35535]} عمد لا ترى ، وإذا {[35536]} رجع الضمير على ( السماوات ) فلا عمد ثم البتة .

ثم قال ( تعالى ) {[35537]} : { ثم استوى على العرش } {[35538]}[ 2 ] : أي : علا {[35539]} عليه {[35540]} علو قدرة ، لا علو مكان .

ثم قال : { سخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى }[ 2 ] : أي : لوقت معلوم ، وذلك إلى فناء {[35541]} الدنيا ، وقيام الساعة . فَتُكَوُّرُ {[35542]} الشمس حينئذ ، ويخسف القمر ، وتنكدر النجوم {[35543]} التي {[35544]} سخرها في السماء لصالح عباده ومنافعهم فيعلمون {[35545]} بجريها {[35546]} عدد ( السنين ) {[35547]} والحساب ، والأوقات ، ويفرقون بين الليل والنهار . ودل تعالى {[35548]} بذلك أنها مخلوقات . إذ كل مدبر مملوك مقهور ، لا يملك لنفسه نفعا {[35549]} فيخلصها مما هي فيه .

ثم {[35550]} قال تعالى : { يدبر الأمر } : أي : بحكمه وحده بغير شريك {[35551]} ، ولا ظهير {[35552]} . ومن الأمر الذي دبره : خلق السماوات [ ب ] {[35553]}غير عمد ، وسخر الشمس ، والقمر والنجوم فيهن .

ثم قال : { نفصل الآيات } : أي : يبين آياته في كتابه لكم ، لتقوم بها عليكم الحجة ، إن لم تؤمنوا {[35554]} ، ثم بين تعالى لم فعل هذا ؟ فقال : { لعلكم بلقاء ربكم توقنون }[ 2 ] : أي : لعلكم تصدقون بوعده ، ووعيده ، وتزدرجون عن عبادة الأوثان {[35555]} .


[35517]:ساقط من ط.
[35518]:ق: ترني.
[35519]:ق: نعة.
[35520]:ساقط من ق.
[35521]:ما بين القوسين ساقط من ق، وانظر: قول مجاهد في: تفسيره 403 والقولين الآخرين في جامع البيان 16/323-324 ولم ينسبه الفراء في: معانيه 2/57.
[35522]:انظر: هذه القراءة في: المحرر 10/5.
[35523]:ق: عمد.
[35524]:ط: إلا.
[35525]:انظر: هذا التفسير في: معاني الزجاج 3/136، واختاره ابن عطية في: المحرر 10/5 حيث اعتبر مثل كل الروايات السابقة ضعيفة: إذ العمد يحتاج إلى العمد، ويتسلسل الأمر. فلا بد من وقوفه على القدرة.
[35526]:انظر هذا القول في: الجامع 9/184، وفي المحرر 10/5: أن العمد جبل قاف المحيط بالأرض.
[35527]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/325، وعزاه أيضا في الجامع 9/184 إلى: إياس بن معاوية، ولم ينسبه الفراء في: معانيه 2/57.
[35528]:ط: وهذا.
[35529]:فاطر: 41.
[35530]:ساقط من ق.
[35531]:انظر: المحرر 10/5.
[35532]:ساقط من ق.
[35533]:ساقط من ق.
[35534]:ساقط من ق.
[35535]:ثم ترد عند المؤلف بمعنى: هناك.
[35536]:ق: فإذا.
[35537]:ساقط من ق.
[35538]:ساقط من ق.
[35539]:ق: على.
[35540]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 16/325.
[35541]:ق: بناء.
[35542]:ق: فتكون، ط: فيكون.
[35543]:انظر هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/326.
[35544]:ط: أي.
[35545]:ق: ليعلمون.
[35546]:ط: بجريهما.
[35547]:ساقط من ط.
[35548]:ط: مطموس.
[35549]:ط: ولا ضرا.
[35550]:هنا سقط طويل من النسخة ط، مبتدئ به ثم قال تعالى، وينتهي عند قوله. لا يملك ضرا ولا نفعا، الصفحة 3611 السطر الأول.
[35551]:ق: شرك.
[35552]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/326.
[35553]:ساقط من ق.
[35554]:انظر هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/327.
[35555]:انظر جامع البيان: 16/321.