قوله : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد {[37364]} غير ذي / زرع } – إلى قوله – { يوم يقوم الحساب }[ 37-41 ] . معنى الآية : إنه دعاء من إبراهيم صلى الله عليه وسلم {[37365]} بمكة ، وذلك حين أسكن إسماعيل ، وأمه هاجر مكة {[37366]} .
قال ابن عباس : إن أول من سعى بين الصفا والمروة لأم إسماعيل ( وإن ) {[37367]} أول ما {[37368]} أحدث النساء جر الذيول ، لمن {[37369]} أم إسماعيل ، وذلك أنها لما فرت من سارة أرخت من ذيلها لتعفي أثرها ، فجاء بها إبراهيم ، ومعها إسماعيل حتى انتهى بها إلى موضع البيت ، فوضعها ، ثم رجع . فأتبعته ، فقالت : إلى ( أي ) {[37370]} شيء تكلنا ؟ ( إلى أي طعام تكلنا ) {[37371]} ، إلى أي شراب تكلنا ؟ .
فجعل إبراهيم لا يرد عليها عينا ، فقالت : ( آلله ) {[37372]}أمرك بهذا ؟ قال نعم . قالت : إذن {[37373]} لا يضيعنا . فرجعت ومضى حتى إذا استوى على ثنية كداء {[37374]} . أقبل على الوادي ، فدعا ، فقال : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع }[ 37 ] {[37375]} – الآية – قال {[37376]} : وكان مع هاجر شن {[37377]} ، فيه ماء . فنفد الماء فعطشت ، فانقطع اللبن . فعطش الصبي ، فنظرت أي {[37378]} : الجبال أدنى من الأرض ، فصعدت الصفا ، فتسمعت هل تسمع صوتا أو ترى أنيسا {[37379]} . فلم تسمع شيئا ، فانحدرت . فلما أتت إلى الوادي سعت {[37380]} وما تريد السعي ، كالإنسان المجهود الذي يسعى وما يريد السعي . فنظرت أي الجبال أدنى من الأرض ، فصعدت المروة ، فتسمعت هل تسمع صوتا ، أو ترى أنيسا فسمعت {[37381]} صوتا كالإنسان الذي يكذب سمعه حتى استيقنت ، فقالت : قد أسمعتني صوتك ، فأغثني ، فقد هلكت وهلك {[37382]} من معي . فجاء الملك بها ، حتى انتهى ( بها ) {[37383]} إلى زمزم . فضرب بقدمه ففارت {[37384]} ، فجعلت {[37385]} هاجر تفرغ من شنها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أم إسماعيل ! لولا أنها عجلت لكانت {[37386]} زمزم عينا معينا {[37387]} " . وقال الملك لها : لا تخافي الظمأ على أهل هذا البلد ، فإنما {[37388]} ( هي ) {[37389]} عين لشرب ضيفان الله . وقال لها : إن أبا هذا الغلام سيجيء ، فيبنيان {[37390]} لله ( جل وعز ) {[37391]} بيتا ، وذا موضعه ، ثم ذهب ، وبقيت هاجر ، فأتت رفقة من جرهم تريد الشام ، فرأوا الطير على الجبل ، فقالوا : إن هذا الطير لعائف على ماء ، فهل علمتم بهذا {[37392]} الوادي من ماء ؟ فقالوا : لا . ثم أشرفوا فإذا هم بهاجر وابنها ، فأتوها ، فطلبوا {[37393]} أن ينزلوا عندها ، فأذنت لهم ، فسكنوا عندها . ثم أتتها المنية فماتت ، رحمة الله عليها {[37394]} ، فتزوج إسماعيل امرأة من جرهم ، ثم كان من قصة {[37395]} إبراهيم {[37396]} في إتيانه إلى ( بناء ) {[37397]} البيت ما ذكر الله ( عز وجل ) {[37398]} {[37399]} .
وقد تقدم منه ذكر ( كثير ) {[37400]} في البقرة {[37401]} . ومعنى : { بيتك المحرم }[ 37 ] : أي : المحرم من استحلال حرمات الله ( تعالى ) {[37402]} فيه ، والاستخفاف بحقه {[37403]} .
وقوله : { فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم }[ 37 ] : أي : اجعل قلوب بعض خلقك تنزع {[37404]} إليهم {[37405]} . فلذلك {[37406]} قلوب الناس إلى الآن تنزع إلى الحج ، ولا تقدر على التخلف .
وقد قال ابن جبير : قول قال : فاجعل أفئدة الناس / تهوي إليهم ، لحجت اليهود والنصارى ، والمجوس ، ولكنه قال : { أفئدة من الناس } فحج المسلمون {[37407]} .
قال مجاهد ( رحمه الله ) {[37408]} : لو قال أفئدة الناس ، لازدحمت عليه فارس ، والروم ، ولكنه قال : من الناس {[37409]} .
والأفئدة جمع فؤاد ، هو القلب ، وسمي القلب فؤادا {[37410]} لتفاؤده {[37411]} :
أي : لتوقده ، والتفاؤد : التوقد ، والمقتاد : موضع وقود النار {[37412]} .
قال عكرمة : وطاووس {[37413]} وعطاء : قلوبهم تهوى إلى البيت حتى يأتونه {[37414]} : ( أي ) {[37415]} يحجون ، وهو قول ابن عباس {[37416]} .
وعن ابن {[37417]} عباس أن معنى : { تهوي إليهم } : أي : تهوى السكنى {[37418]} عندهم .
وهذا المعنى إنما يكون على قراءة من قرأه بفتح الواو ، وهي قراءة مروية عن مجاهد {[37419]} .
ولما دعا إبراهيم {[37420]} بأن يرزقهم من الثمرات نقل الله ( عز وجل ) {[37421]} ، الطائف من فلسطين إلى موضعها {[37422]} الآن ، {[37423]} ففيها من {[37424]} كل الثمرات {[37425]} .
روي {[37426]} أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم {[37427]} لما دعا بهذا {[37428]} بعث الله جل ذكره ، جبريل عليه السلام {[37429]} ، فاقتلع الثمار من الشام من موضع يقال له {[37430]} الأردن ، وهو نهر ، ثم أقبل بالثمار حتى طاف بها حول البيت أسبوعا ، ثم أنزلها جبال تهامة وهي الطائف .
ولذلك {[37431]} سميت الطائف {[37432]} .
{ لعلهم يشكرون } {[37433]}[ 37 ] : أي : يشكرون نعمك {[37434]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.