الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ} (186)

قوله : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ) [ 184 ] إلى قوله : ( وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [ 187 ] .

قال الحسن : " هذه الآية نزلت في سائل سأل النبي [ عليه السلام ]( {[5889]} ) فقال : أي ربنا ؟ فأنزل الله عز وجل( {[5890]} ) : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ) الآية " ( {[5891]} ) .

وروي أن/ سائلاً سأل [ النبي عليه السلام ]( {[5892]} ) فقال : يا( {[5893]} ) محمد : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فأنزل الله [ جل ذكره ]( {[5894]} ) : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ) . الآية( {[5895]} ) .

وروي أن المشركين قالوا : كيف يكون الله قريباً( {[5896]} ) وبيننا وبينه سبع سماوات غلاظ ، كل سماء مسيرة خمسمائة عام( {[5897]} ) ، وبين كل سماءين كذلك ؟ فأنزل الله سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ) . الآية( {[5898]} ) .

وقال عطاء : " لما نزلت : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ ) [ غافر : 80 ] ، قالوا : يا رسول الله ، في أي ساعة ؟ قال : فنزلت : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ) . الآية( {[5899]} ) .

قال السدي : " ليس من عبد مؤمن يدعو الله إلا استجاب له ، فإن كان الذي يدعو به رَزقه في الدنيا ، وإن لم يكن له رزقاً في الدنيا ، ادُّخِر له إلى يوم القيامة أو دفع [ به عنه ]( {[5900]} ) مكروه( {[5901]} ) . وكذلك قال ابن عباس .

وعن النبي عليه السلام( {[5902]} ) أنه قال : " ما أُعْطِيَ أَحَدٌ الدُّعَاء فَمُنِع الإِجَابَةَ لأنَّ اللَّهَ يَقُولُ : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ ) " ( {[5903]} ) .

والمعنى عند الطبري : " فإني( {[5904]} ) قريب في كل/وقت أجيب دعوة الداعي إذا( {[5905]} ) دعان " ( {[5906]} ) .

وقال مجاهد : " لما نزلت : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ ) ، قالوا : إلى أين ؟ فنزلت( {[5907]} ) : ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ )( {[5908]} ) . "

وقال قتادة : " لما نزلت : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ ) ، قال قوم : كيف ندعو يا رسول الله ؟ فنزلت ( وَإِذَا سَأَلَكَ ) " الآية( {[5909]} ) .

وقوله( {[5910]} ) : ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )( {[5911]} ) [ 185 ] .

فمعناه : إذا شئت كما قال : ( فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ )( {[5912]} ) .

وقوله ( فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُومِنُوا بِيَ ) [ 185 ] .

أي فليستجيبوا إلى طاعتي ، يقال : " استَجبْتُ لَهُ( {[5913]} ) واسْتَجَبْتُهُ " بمعنى أجبته( {[5914]} ) .

وقال أبو( {[5915]} ) عبيدة : " معناه : فليجيبوني " ( {[5916]} ) .

وتحقيق اللفظ عند/أهل العلم : فليستدعوا الإجابة ، /كما يقال : " استنصر " ، إذا استدعى النصر .

وعن أبي رجاء الخراساني أنه قال : " ( فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي )( {[5917]} ) فليدعوني " ( {[5918]} ) . وقيل : هو التلبية .

وقوله : ( وَلْيُومِنُوا بِيَ ) [ 185 ] : أي وليصدقوا بي إذا هم استجابوا لي بالطاعة أني لهم من وراء طاعتهم لي في الثواب عليها ، وإجزال( {[5919]} ) الكرامة عليها .

وقال أبو رجاء : ( وَلْيُومِنُوا بِيَ ) : معناه : " وليصدقوا( {[5920]} ) بي ) " أني أستجيب لهم( {[5921]} ) .

وقوله : ( لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [ 185 ] . معناه : لعلهم يهتدون . و " لعل " من الله واجبة .

وقيل : معنى الإجابة هنا ، هو الإجابة بالثواب على الأعمال [ والطاعات ]( {[5922]} ) ، فمعنى الدعاء هنا مسألة العبد ربه ، إتمام ما وعده إياه من الجزاء على الطاعة( {[5923]} ) .

وروي عن النبي [ عليه السلام ]( {[5924]} ) . أنه قال : " الدُّعَاءُ هُوَ العبادَةُ " ، ثم قرأ ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ إِنَّ الذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي )( {[5925]} )( {[5926]} ) " .

وقيل : معناه : أجيب دعوة الداعي إن شئت( {[5927]} ) .

وقال الحسن في قوله تعالى : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ ) : " اعملوا وأبشروا فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله " ( {[5928]} ) .

وقوله : ( فَإِنِّي قَرِيبٌ ) [ 185 ] . وقْف عند يعقوب( {[5929]} ) . وقال نصير( {[5930]} ) : الوقف " دعانِ " و " يَرْشُدُونَ " ( {[5931]} ) .

و( {[5932]} )الفعل من " يرْشُدونَ " : رَشَدَ يَرْشُدُ رُشْداً ، ويقال : رَشَدَ يَرْشَدُ( {[5933]} ) رَشَداً ، فيقال : الرُّشْدُ وَالرَّشَدُ( {[5934]} ) ، كما يقال( {[5935]} ) : البُخْلُ والبَخَلُ ، والشُّغْلُ والشَّغَلُ ، وَالسُّقْمُ وَالسَّقَمُ ، وَالعُدْمُ والعَدَمُ وَالحُزْنُ ، والحَزَنُ ، وَالسُّخْطُ وَالسَّخَطُ ، وَالخُبْرُ وَالخَبَرُ ، وَالعُرْبُ وَالعَرَبُ ، وَالعُجْمُ وَالعَجَمُ .


[5889]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[5890]:- قوله: "أين ربنا..وجل" ساقط من ع2. وقوله: "عز وجل" ساقط من ق.
[5891]:- انظر: المحرر الوجيز 1/85-86، وتفسير القرطبي 2/308، ولباب النقول 33.
[5892]:- في ع3: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[5893]:- قوله: "وإذا سألك عبادي عني الآية..فقال يا" ساقط من ع2.
[5894]:- في ع3: عز وجل.
[5895]:- انظر: تفسير ابن كثير 1/218، ولباب النقول 33، والدر المنثور 1/469.
[5896]:- في ع2: قريب. وهو خطأ.
[5897]:- سقط من ع3.
[5898]:- انظر: معاني الفراء 1/114، وتفسير القرطبي 2/308.
[5899]:- انظر: تفسير الثوري 57، وتفسير القرطبي 2/308، والدر المنثور 1/469.
[5900]:- في ح، ق: عنه به.
[5901]:- انظر: جامع البيان 3/382.
[5902]:- في ع2، ع3: صلى الله عليه وسلم.
[5903]:- انظر: نحوه في كنز العمال 2/66.
[5904]:- في ق: فإنه. وهو تحريف.
[5905]:- في ع3: دعاني.
[5906]:- انظر: جامع البيان 3/480.
[5907]:- سقط من ع3.
[5908]:- البقرة آية 114.
[5909]:- انظر: جامع البيان 3/483، والدر المنثور 1/470.
[5910]:- سقط حرف الواو من ع3.
[5911]:- في ع1: دعاني.
[5912]:- الأنعام آية 142.
[5913]:- في ق: لكم. وهو تحريف.
[5914]:- انظر: اللسان 1/526.
[5915]:- في ع1، ع2، ع3، ق: ابن. وهو خطأ.
[5916]:- انظر: مجاز القرآن 1/67.
[5917]:- في ع2، ع3: أي.
[5918]:- انظر: جامع البيان 3/484، والمحرر الوجيز 2/87.
[5919]:- في ق: أجزاء. وهو تحريف.
[5920]:- في ق: ليصدقوني.
[5921]:- انظر: جامع البيان 3/484، والمحرر الوجيز 2/87.
[5922]:- في ق: والطاعة. وفي ع3: بالطاعة.
[5923]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 3/485.
[5924]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[5925]:- غافر آية 60.
[5926]:- رواه أبو داود الطياليسي وابن ماجه، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. انظر: عون المعبود 1/253، وسنن ابن ماجه 2/1258، وسنن الترمذي 5/211-5/456، والمستدرك 1/490-491.
[5927]:- انظر: جامع البيان 3/486-487.
[5928]:- انظر: المصدر السابق.
[5929]:- انظر: كتاب القطع والإئتناف 177، والمكتفى 181.
[5930]:- هو نصير بن يوسف، أبو المنذر الرازي، ثقة، كان عالماً بالقراءات. صاحَبَ الكسائي والأصمعي وأبا زيد. (ت 140هـ). انظر: طبقات القراء 1/341.
[5931]:- انظر: كتاب القطع والإئتناف 177، والمكتفى 181.
[5932]:- سقط حرف الواو من ع3.
[5933]:- في ق: يرشد له.
[5934]:- انظر: مفردات الراغب 201، واللسان 1/1169.
[5935]:- سقط قوله: "كما يقال" من ع3.