الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِن طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمۡ تَمَسُّوهُنَّ أَوۡ تَفۡرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةٗۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلۡمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلۡمُقۡتِرِ قَدَرُهُۥ مَتَٰعَۢا بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (236)

قوله : ( لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمُ إِن طَلّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ) الآية [ 234 ] .

رفع الله الحرج عمن طلق المفروض( {[7733]} ) لها الصداق قبل( {[7734]} ) أن يدخل بها( {[7735]} ) .

ومعنى ( تَمَسُّوهُنَّ ) : تجامعوهن . قاله ابن عباس وغيره( {[7736]} ) .

ومعنى : ( أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ ) [ 234 ] : رفع الجناح أيضاً عمن طلق التي لم يفرض لها قبل الفرض ، فمعناه : أو توجبوا لهن فريضة .

قوله : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) [ 234 ] .

قال ابن عباس وغيره : " هو واجب للتي لم يفرض لها( {[7737]} ) ؛ يمتع الموسر( {[7738]} ) بخادم ، والوسط بالورق( {[7739]} ) ، ودون ذلك بالكسوة والنفقة " ( {[7740]} ) . وقاله قتادة( {[7741]} ) .

وقال أبو حنيفة : " يمتع التي لم يفرض لها ، إذا طلق قبل الدخول بنصف مقدار صداقها " ( {[7742]} ) . وبه قال الشافعي( {[7743]} ) ، ولم يجد/نصفاً من غيره .

وأوجب علي بن أبي طالب رضي الله عنه المتعة لكل مطلقة( {[7744]} ) .

وبه قال الحسين فرض لها أو لم يفرض دخل بها أو لم يدخل( {[7745]} ) .

وروى مالك( {[7746]} ) عن نافع عن ابن عمر أنه قال : " لكل مطلقة متعة إلا التي سمى لها صداقاً ولم تمس( {[7747]} ) ، فحسبها نصف ما فرض لها " ( {[7748]} ) .

ومذهب مالك أنه لا يجبر على المتعة أحد( {[7749]} ) من المطلقين إنما هو ندب( {[7750]} ) ، وبه قال شريح( {[7751]} ) .

وقال ابن المسيب : / " كانت المتعة واجبة بالآية التي في الأحزاب لقوله : ( فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ/سَرَاحاً جَمِيلاً )( {[7752]} ) ، قال : " ثم نسختها التي في البقرة لقوله : ( حَقّاً عَلَى المُحْسِنِينَ ) ولم يقل : " حقاً عليكم " ولا " واجباً( {[7753]} ) عليكم " ( {[7754]} ) .

وقد أجمعوا/أن المطلقة قبل الدخول لا تضرب بالمتعة مع الغرباء كان قد فرض لها أم لم يفرض ، فدل على أنها غير واجبة ، فصارت المتعة في البقرة ندباً لمن أحسن واتقى لا( {[7755]} ) فرضاً( {[7756]} ) .

وروي عن ابن عباس أنه قال : ( عَلَى المُوسِعِ قَدْرُهُ ) أي على قدر يسره ، ( وَعَلَى المُقْتِرِ قَدْرُهُ ) : أي على قدر عسره للتي لم يسم لها صداقاً ، ولم يدخل بها خاصة " ( {[7757]} ) .

ومعنى : ( لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمُ ) ، أي الجناح مرفوع/عنكم في الطلاق قبل المسيس لأنه يجوز أن يقع بعد المسيس الجناح على المطلق ، وذلك الذي يتزوج للذوق . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الذَّوَّاقِينَ وَلاَ الذَّوَّاقَاتِ " ( {[7758]} ) . فَرَفْعُ الجناح في الطلاق قبل المس يدل على أنه يقع في الطلاق بعد المس وهو ما ذكرنا( {[7759]} ) .

وقيل : إنما رفع الجناح عن طلاق التي لم يدخل بها ، لأن الرجل يطلق متى شاء [ حائضاً كانت أو طاهراً ]( {[7760]} ) ، ولا عدة ولا سنة في طلاقهن ، وليس ذلك في المدخول بها ، لأنه إن طلق وهي حائض وجب عليه مراجعتها ، ولحقه ضيق وإثم إن تعمد( {[7761]} ) مخالفة السنة ، ولزمت العدة .


[7733]:- في ع2، ق، ع3: للمفروض.
[7734]:- في ق: قيل. وفي ع3: وقيل.
[7735]:- في ع2: تجامعهن.
[7736]:- انظر: جامع البيان 5/118، وتفسير ابن كثير 1/287. وقوله "ومعنى تمسوهن..وغيره" ساقط من ق.
[7737]:- سقط من ع3.
[7738]:- في ع3: الموسع.
[7739]:- في ق: الورق. وفي ع3: بالرزق.
[7740]:- انظر: جامع البيان 5/121، وتفسير ابن كثير 1/287.
[7741]:- انظر: جامع البيان 5/122.
[7742]:- انظر: معنى قول أبي حنيفة في أحكام الجصاص 1/433-434.
[7743]:- انظر: تفسير القرطبي 3/200.
[7744]:- انظر: الإيضاح لناسخ القرآن 157، والمحرر الوجيز 2/226، وتفسير القرطبي 3/200.
[7745]:- انظر: المصدر السابق.
[7746]:- في ع3: مالك رضي الله عنه.
[7747]:- في ق: يمس.
[7748]:- انظر: تفسير القرطبي 3/200ن والمحرر الوجيز 2/226.
[7749]:- في ع2، ع3: الواحد.
[7750]:- انظر: الإيضاح لناسخ القرآن 157، والمحرر الوجيز 2/226، وتفسير القرطبي 3/200.
[7751]:- انظر: الإيضاح لناسخ القرآن 157. وشريح هو ابن الحارث بن قيس بن جهم الكندي وَلِيَ القضاء لعمر بن الخطاب، واشتهر بالعدل والذكاء، روى عن علي وابن مسعود. وروى عنه الشعبي. (ت80هـ). انظر: طبقات ابن خياط 145، وتذكرة الحفاظ 59، والخلاصة 1/447.
[7752]:- الأحزاب آية 49.
[7753]:- في ع1، ع2، ق، ع3: واجب.
[7754]:- انظر: الإيضاح لناسخ القرآن 156، وتفسير ابن كثير 1/288، ورده الطبري والقرطبي لأنه إذا كان حقاً على المحسنين، فهو على غيرهم ألزم وأوجب. راجع جامع البيان 5/133، وتفسير القرطبي 3/203.
[7755]:- سقط من ع2.
[7756]:- في ع2، ع3: فرض.
[7757]:- انظر: الإيضاح لناسخ القرآن 158.
[7758]:- انظر: مجمع الزوائد 4/335.
[7759]:- انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 5/139، والمحرر الوجيز 2/225.
[7760]:- في ع2: حياضاً أو أطهار. وهو خطأ.
[7761]:- في ق: تعتمد. وهو تحريف.